لقد كانت حشود كبيرة مليونية غفيرة، خرج فيها الأحرار والشرفاء الأوفياء لبلدهم ودينهم في معظم المحافظات اليمنية ومن كافة المناطق بمختلف انتماءاتهم وتوجّـهاتهم خروجاً مشرفاً يليق بتضحيات شعبنا العظيم المواجه للهيمنة والغطرسة الأمريكية بمناسبه الذكرى السنوية للصرخة في وجوه المستكبرين، لم يتخلف عن الخروج رَجلٌ آمَنَ بعدالة وصدق قضية الشعار الحق ووعى أهميته في مواجهة قوى الاستكبار العالمي، وموقف شعبنا اليمني العظيم المشرف تجاه الغطرسة والإرهاب الأمريكي واضح جلي وقوي لا مثيل له أبداً.
خرجوا ليعبروا عن موقفهم الساخط من أمريكا وإسرائيل بهتاف (الله أكبر -الموت لأمريكا -الموت لإسرائيل -اللعنة على اليهود -النصر للإسلام) وهذا الهتاف بهذا الشعار والصرخة المدوية عبارة عن موقف إيماني، ثقافي، إعلامي، ديني عظيم يتصدى لمكر وخداع وزيف وباطل وكذب ودجل أعداء الأُمَّــة الإسلامية من اليهود والنصارى وعملائهم الخائنين لمبدأ الدين وقيم وأخلاق القرآن، ويمثل حصانة ووقاية للأُمَّـة وأجيالها من اختراقات الأعداء وحربهم الناعمة الثقافية وغزوهم الفكري والإعلامي، ويعتبر بالنسبة للمؤمنين سلاحاً قوياً فعالا ومؤثرا؛ وهو مبدأٌ وعقيدة إيمانية تتبرأ من الأعداء وموقف شجاع يحصن المجتمع بمختلف انتماءاته وطوائفه من الوقوع في فخ ووحل الولاء لليهود والنصارى فيما يسمونه سياسيًّا “بالتطبيع” والذي أسماه القرآن “ولاء”، وهذا الشعار أَيْـضاً يعبر عن حالة السخط والعداء للأعداء والمنافقين ومن يدور في فلكهم أَو يتعاون معهم، وهو سلاح جهادي معنوي ثقافي وإعلامي يعبر عن حالة السخط التي تشتعل في نفوس ومواقف المجاهدين من رجال الله وأنصاره في شعبنا اليمني العظيم، في الوقت الذي يصمت فيه العالم بكله، ولا يجرؤ فيه حاكم عربي وإسلامي أَو شعب أَو مجتمع بالتفوه ولو بكلمة واحدة تعبر عن حالة سخط في وجه الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية، وليس غريباً على شعب الإيمان والحكمة شعب الأوس والخزرج من شرفهم الله في القرآن وأسماهم بالأنصار مثل هذه المواقف العظيمة والقوية المشرفة؛ لأَنَّه أول من ناصر الإسلام في بداية انطلاقته وهو من آوى ونصر رسوله -صلوات الله عليه وعلى آله- وذهب أبناؤه أفواجاً إلى المدينة حاملين راية الإسلام في الوقت الذي تخلى عنه وحاربه مجتمعه القرشي بمكة، ومنه خرج القادة الفاتحين لمعظم البلدان وعلى يديه وتحت أقدامه هزمت وتحطمت جموع الكفر آنذاك وتحالف الشر والعدوان في وقتنا الحاضر، وسيهزم ويدحر “بإذن الله” وعونه كُـلّ طغاة الأرض من كافة البلدان العربية والإسلامية وسينتصر عليهم، وهي سنة الله الماضية مُضِيَّ الليل والنهار ولن تتغير أبداً مهما كان: “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.
ولأهميّة وقوة تأثير الشعار والصرخة في وجوه المستكبرين عمل الأعداء بكل الوسائل والطرق وبمختلف الأساليب ولا يزالون على محاربته منذ الوهلة الأولى التي ارتفعت فيها هتافات المؤمنين في مران صعدة في المساجد والاجتماعات والمظاهرات وعملوا على طمسه وإسكات كُـلّ صوت حر يصدح به ولكنهم فشلوا وخابوا وخسروا وبقي الشعار وانتصر وتوسعت الصرخة وتنامت في النفوس وقضت مضاجع الطغاة والمستكبرين وأقلقت سكينتهم وأرقت منامهم ووصل صداها إلى كافة البلدان، وبات الأحرار والشرفاء يهتفون بها حتى في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين وبعض شرفاء المقاومة الإسلامية، وسيظل الشعار وستظل الصرخة مدوية وستمتد إلى أن يرفعها كُـلّ صوت حر وكلّ حركة وشعب ومجتمع يسعى للتخلص من هيمنة المستكبرين في مختلف البلدان العربية والإسلامية والعالمية ولن تقتصر على اليمن، وسيبقى هذا الشعار والصرخة ما بقيت الحياة مرافقاً للأحرار والمجاهدين طيلة حياتهم الجهادية حتى يتحقّق النصر للإسلام والمسلمين وتندحر قوى الطغاة والمستكبرين من فلسطين والعراق وسوريا وبقية الجزيرة العربية بإذن الله تعالى، ولسنا أحكم من رسول الله -صلوات الله عليه وآله- وليست نفوسنا أعظم من نفسه وقد أمره الله بقوله تعالى: (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ)؛ لأَنَّهم يغتاظون ويعضون أناملهم من الغيظ من كُـلّ موقف أَو أمر ما من شأنه أن يرفع من شأن الأُمَّــة الإسلامية ومكانتها بين الأمم، وقد لعنهم الله في كتابه الكريم في قوله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ) لذلك ستظل الصرخة مبدأً إيمانياً يرافق مسيرة الحق والجهاد والصراع مع قوى الباطل والاستكبار مدى الحياة، والعاقبة للمتقين.