الزخمُ المليونيُّ للأُمَّـة المحمدية في ساحات وميادين الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في اليمن، يجعلُ المسؤوليةَ على صنعاءَ أكبرَ وأعظمَ في كُـلّ عام، ومع بوادر انتهاء العدوان والحصار على اليمن، يُفترَضُ أن تكونَ هناك تحضيراتٌ للعام القادم بشكلٍ مختلف.
خلال سنوات العدوان شاهَدَ كُـلُّ العالم فعالية ذكرى المولد النبوي الشريف في بلادنا، وأصبحت اليمن هي عاصمة “محمد” -عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام-، وهناك الملايين من الزوار الذين ينتظرون فتحَ مطار صنعاء وتسهيل إجراءات السفر؛ ليشاركونا الاحتفال بهذه المناسبة.
وكما يذهبُ المسلمون للحج في مكة كُـلّ عام، ويزورون مقامَ الإمام الحسين في كربلاء، سيتوجّـهون إلى صنعاء للمشاركة في عيد المولد النبوي في كُـلّ عام؛ لأَنَّ اهتمامَ اليمنيين بإحياء ذكرى مولد النبي الأكرم في ظل وجود الدولة اليمنية التي ترعى هذه المناسبة، جعل أنظارَ العالم تتجه إلى صنعاء وبقية المحافظات اليمنية، والحلم الذي ينامون ويصحون عليه هو زيارةُ هذا البلد العظيم، الذي قدّم دروساً في الجهاد والتضحية والبذل والعطاء، وفي حُبِّ خاتم الأنبياء والمرسلين، في خضم حربٍ غربيةٍ على القرآن والنبي وعلى كُـلّ مقومات الاستقامة والهداية ومواجهة المستكبرين.
وهنا سنكونُ أمام مهمة ليست بصعبةٍ على اليمنيين، وهي التحضيرُ والتجهيزُ لاستقبال هؤلاء الزوار وايوائهم وتوفير المنشآت الخدمية والسياحية ووسائل النقل وغيرها من الاحتياجات، ولا أظنُّ أن المحتفلين بعيد المولد سيتمركَزون بصنعاء فقط؛ لأَنَّ ذاكرةَ الصمود الوطني قد رسمت خارطةً للسياحة الجهادية في أذهانِ الكثيرِ من أحرار العالم، المتشوِّقين للتعرف على صعدة ونهم والحديدة والجوف وميدي والدريهمي وغيرها من المناطق التي تمثِّلُ بالنسبة لهم إعجازاً يمانياً وآيةً من آيات النصر المبين.
خلال سنوات العدوان وبسبب إقامتي خارج اليمن، التقيت بالكثير من الأحرار المتابعين لما يجري في بلادنا، الذين فاجأوني بمعرفتهم لجغرافيا وتاريخ بلادنا أكثرَ من بعض اليمنيين أنفسهم؛ لذلك لا تتفاجأوا إذَا رأيتم زائراً عراقياً أَو سورياً أَو فلسطينياً أَو لبنانياً أَو إيرانياً أَو ليبياً أَو تونسياً يسألُكم عن قرية جمعة بن فاضل في صعدة، أَو عن قرية الكداكد بالمخادر، أَو عن قرية دوم الهادي في التحيتا، وقرية رمادة في نهم، أَو عن صرواح في مأرب.
عندما يستحضرُ المتابِعُ من خارج اليمن في ذاكرته ما تعرَّضت له بعضُ المناطق من عدوانٍ وتنكيلٍ بالقصف والتدمير، ويرى فيها الحشود الغفيرة تخرُجُ للاحتفال بعيد المولد يقفُ مذهولاً متسائلاً: هل يمكن أن يحدُثَ هذا في غير اليمن.
في محافظة مأرب شَنَّ العدوانُ على مديرية صرواح لوحدِها ما يزيد عن 35 ألفَ غارة، ولكن أبناء مأرب تداعوا إليها للاحتفال بعيد المولد من مختلف المديريات التي تبعُدُ بعضُها بما يقارب 200 كيلو متر، ورسم أبناءُ مديريات الغرب والشمال والشرق لوحةً محمديةً لا مثيلَ لها في هذه المناسبة.
وأمامَ هذا الجزءِ البسيطِ من التاريخ البطولي، سيتدافعُ الزوار، راغبين باستكشافِ كُـلِّ مديرية ومنطقة ومحافظة؛ ما يجعلُنا أمامَ تَحَــــدٍّ كبيرٍ في إقامة عيد المولد النبوي الشريف العامَ القادمَ بتحضيراتٍ أكبرَ وأوسعَ، يُفترَضُ البدءُ بإعداد الخُطَطِ والمشاريعِ لها من الآن.. والله الموفق.
*نقلا عن : المسيرة