مثلت مشاركة اليمن في عملية «طوفان الأقصى» إلى جانب المقاومة الفلسطينية إشكالاً سياسياً ومعرفياً للحكومات الغربية، فرغم مخاوفهم منذ نجاح اليمن في استهداف الإمارات والسعودية، وتصريحات القيادة الثورية والسياسية في اليمن، إلا أنهم كانوا يفترضون أنها نوع من الدعاية أو أن اليمن لا يملك الشجاعة الكافية وليس في وضع يسمح له.
رغم التقديرات السابقة على اختلافها، ومنها التي درست بجدية تهديد اليمن على الصهاينة، إلا أن مشاركة اليمن كانت صدمة أخرى بعد صدمة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
انعكس هذا الأمر في كتابات المراكز البحثية بوصفها المجمعات العلمية الساندة للأجهزة الاستخباراتية، والتي تقدم إحاطات تفسيرية لصناع القرار في هذه الحكومات التي اتخذت موقفاً مسانداً للكيان الصهيوني، بما فيها مراكز البحوث الصهيونية ذاتها المرتبطة بالأوساط العسكرية والاستخباراتية والسياسية في كيان الاحتلال الصهيوني.
ركزت التقارير على تطوير اليمن ترسانة من الأسلحة الصاروخية والطيران المسيّر، واعتبرتها نماذج مقلدة عن الأسلحة الإيرانية، دون أن يعني ذلك الانتقاص من قدرتها التدميرية.
وينظر إليها الغرب عموماً بوصفهاً تطويراً للأسلحة الروسية الكورية الشمالية، ولم يكن خافياً احتفاء الإعلام الروسي بأول معركة فضائية بين اليمن وكيان الاحتلال الصهيوني.
وقد أقر الكيان الصهيوني بأنه استخدم لمواجهة الصواريخ اليمنية لأول مرة في تاريخه نظام الدفاع الجوي (Arrow 3)، الذي يعتبر الأحدث في ترسانته العسكرية.
تناولت التقارير الهجمات اليمنية باعتبارها إقرارا بتحول الحرب في غزة إلى حرب إقليمية - ولو بصورة نسبية؛ إذ عدت هذه التقارير المشاركة اليمنية تنفيذاً إيرانياً لتهديداتها للكيان الصهيوني.
بحسب وجهة نظر المراكز الغربية فرغم أن اليمن منطقة قتال ثانوية، فإن الأضرار المحتملة التي يمكن أن تسببها للكيان الصهيوني قد تتزايد. ويركز الخطاب الصهيوني على التهديد الأبرز على التجارة البحرية الصهيونية. وهذه التقديرات قيلت قبل خطاب قائد الثورة الصريح باستهداف السفن الصهيونية في البحر الأحمر، الذي لا ريب أنه سيرفع المخاوف إلى ذروتها.
ذهبت التقارير إلى تقدير مستقبل الهجمات اليمنية ومدى تأثيرها الفعلي.
أولاً: تناولتها من البعد الجغرافي، فمعظم الهجمات يجب أن تأتي من الجو أو من البحر، وهذا بحسب تقديرهم يسهل على الكيان وحلفائه مراقبة وإحباط مثل هذه الهجمات.
يفترضون أن من المشكوك فيه إلى أي مدى يهتم أنصار الله بإشعال حريق إقليمي، باعتبار ذلك سيهدد المكتسبات التي تحققت منذ الاتفاق مع السعودية.
في التعامل مع التهديدات اليمنية، هناك توصيات مبدئية بالرد على الهجوم اليمني، مع الإقرار بعدم فاعليته الميدانية في دعم الموقف الميداني في غزة.
تذهب التوصيات إلى التركيز على الحرب الرئيسة في قطاع غزة.
كما أن المسافة بين فلسطين المحتلة واليمن لا تحد فقط من الخطر اليمني المباشر على كيان الاحتلال، بل أيضاً تحد من قدرة الكيان على إلحاق ضرر باليمن، بحسب تقديرهم.
وهناك توصيات تشدد على تحويل اهتمامات الكيان الصهيوني، وخاصة إمكاناته البحرية والجوية، للدفاع عن مسرح البحر الأحمر.
وطرح مركز أمريكي توصية سياسية بناء على تحليل أن إيران هي التي تمسك بخيوط اللعبة، فالتوصية في الانفتاح الأمريكي على طهران، وإقامة حوار مباشر، باعتبار أن تقسيم المنطقة إلى معتدلين (مثل المملكة السعودية والإمارات ومصر والأردن) ومنبوذين (إيران وحلفائها ووكلائها) جُرب ومني بفشل ذريع.
* نقلا عن : لا ميديا