منذ بداية الأحداث في فلسطين وصلتنا رسائلُ التهديد والترغيب من الجانب الأمريكي لكننا لم نكترث لها.. ونقول لمن يقلل من موقف شعبنا: من يفعل أكثر مما يفعله شعبنا عسكريًّا وفي كُـلّ المجالات فسنشكره ونثني عليه.
..
طارق عفَّاش المموَّل من الإمارات -وليس ذلك سراً- خرج إلى البحر الأحمر بدوريةٍ عسكريةٍ لمواجهة الحوثيين الذين يستهدفون السفنَ الإسرائيلية.. هذا كان متوقَّعاً جِـدًّا ومفهوماً.. لكن اللمسة العفاشية كانت حاضرةً طبعاً.. فقد فعل ذلك وهو يلبَسُ الشالَ الفلسطيني!!
الذي لا يعلمُ أن تمويلَه إماراتي سيظن أنه خرج بتلك الدورية البحرية نُصرةً لشُهداء غزة، لا مِن أجل حماية “إسرائيل”!
طبعاً نحن قد اعتدنا في اليمن على هذه النوعية من الألاعيب والتناقضات التي يتجاهلها كثير من الناس كأنَّها لا تحدث.. فهؤلاء نَعَم يؤيِّدون فلسطين.. لكن السياسة تقتضي أن يُصبحوا أدَاةً صهيونية.. هؤلاء نَعَم يتألمون لغزة.. لكن المصلحةَ تُبرِّرُ أن يكونوا عُملاءَ.. هم لا يرَون مشكلةً في ذلك أبداً.. لا تَقضُّ مضاجعَهم.. لا يرَون فيها خيانةً وطنيةً ولا طعنةً قومية ولا نفاقاً دينياً.. لديهم مرونةٌ أخلاقية فائقة.. يمكن أن يكونوا اليوم حليفَك وهم يُرجِفون ضدك.. ويمكن أن يكونوا غداً عدوَّك وهم يتواصلون معك سراً.. قِيَمٌ مرنة أترك للقارئ الكريم مهمة اختزالها بوصف واحد إذَا أراد..
ليس هذا فحسب بل من المحتمل أن يكونَ هناك أشخاص في الداخل قد نصحوا طارق عفاش بأن يُبادِرَ هو بفعلِ هذه الحركات: إما للقفز في الصف الأول ضمن تحَرّك دولي قريب، أَو لامتصاص غضب المموِّل الإماراتي حتى لا تقول له الإمارات: “يا طارق.. أنت طالق” فينقطع رزقُهُ ورزقُهم، وينتهي دورُهُ السياسي ودورُهم، فهم يعلمون جيِّدًا أن لا مشروعَ لهم إلا فشل أنصار الله ليُقال “يا رعا الله”، هم يعلمون أن لا مشروعَ لهم إلا المراهَنة على خوف النظام الدولي والإقليمي من أنصار الله ليُقال لهم: “خذوا دعمنا، سنعيدكم لحكم اليمن”، غير ذلك هم لا مشروعَ سياسيًّا لهم؛ فجمهوريتهم هي سلالية “سلالة عفاش”، واستقلالُهم عبارةٌ عن وصايةٍ إماراتية صهيونية.. وخطابُهم عُنصري يُفكِّكُ ولا يَجمَع.. وتحالفُهم خيانةٌ.. وهكذا.. كتلة من التنافر والتناقضات والأخطاء المتراكمة!
ربما سيصبح هذا الذي يلبس الشال الفلسطيني واجهةً لضربات صهيوأمريكية قادمة على اليمن، لا سيَّما أن الإعلام المصري قد بدأ بدورِه يُمهِّدُ لشيء من هذا القبيل؛ بحجّـة “إغلاق باب المندب وتضرُّر قناة السويس”، علماً أنه في يوم 11 ديسمبر 2023 نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالًا بعنوان “الولاياتُ المتحدة تبحثُ عن شُركاءَ لحماية السفن وذلك بعد الهجمات في البحر الأحمر” ألمحت فيه إلى قربِ دخولِ الجيش المصري في حرب ضد اليمن إلى جانب قوىً عربية (ويمنية) طبعاً حتى لا تتلطَّخَ أيدي أمريكا وإسرائيل بالدماء.
واللهُ المستعانُ هو نِعم المولى ونِعم النصير.