حين اندلع العدوان السعودي على اليمن في العام 2015م، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالعنتريات الخليجية، والتهديدات، واستعراض العضلات على اليمن الفقير، الذي كانوا يعتقدون أنه لقمة سهلة بإمكانهم ازدرادها ليسهل لهم إركاع الشعب اليمني والتدخل في قراراته كما كانوا يتوهمون.
تطاول السفهاء والأقزام على اليمن أثناء عدوانهم على اليمن.. أتذكر النائب الكويتي عايد المناع حين قال إنهم سيجعلون الشعب اليمني يركع، فلأنه "ألين الناس رُكبة" كما قال المتنبي، فهو يجهل أن اليمني لا يركع لأنه ليس له ركبة.
وأتذكر إحدى المجندات السعوديات حين قالت لأميرها ابن سلمان: لو تحب أمسح اليمن من الخريطة فأنا رهن إشارتك.. حين سمعتها تقول هذا تذكرت أغنية المرشدي وهو يقول: ألا يا مرحبا بش، وباهلش، وبالجمل ذي رحل بش.
ومحمد بن سلمان قال إنه سيحسم الأمور في ثلاثة أيام فقط بالقوات البرية.. وتطاول أحمد عسيري، وكثير من التافهين الذين كانوا يشعرون بانتفاخ البالون.. كيف لا يشعرون بهذا الانتفاخ وهم يقاتلون اليمن ويعتبرون أنفسهم دولاً تافهة وطارئة أمام اليمن، لأنهم مجرد بالون فقط، وبإمكان أي دبوس صغير تعريفه بحقيقته.
أين كل تلك البطولات والطلعات الجوية والقنابل المحرمة، والبارجات والصواريخ، والجيوش التي استأجروها من دول العالم لقتال اليمن؟
أين كل ذلك حين يتطلب الأمر موقفاً لنصرة غزة، وهو موقف هو بمثابة فرض عين كل جيش ودولة عربية وإسلامية..؟ وأين ذهب كل ذلك السلاح حين تطلب الأمر توجيهه إلى "إسرائيل"، العدو الذي يريد التهام الجميع إن تم الانقياد والخضوع له؟
كيف نطلب منهم نصرة غزة وهم متواطئون مع "إسرائيل"؟
ولأنهم جبناء، ومجرد أدوات بأيدي الصهاينة، صمتوا جميعاً وخرست أسلحتهم، ولم يتحدث في هذا الموقف أحد سوى اليمن التي تآمروا واعتدوا عليها وأنفقوا مليارات الدولارات من أجل إخضاعها.
ها هي اليمن ترفع رأسها وحيدة وسط كل هذا الخضوع العربي البائس، واستطاعت أن تربك العالم بأكمله وتجعله يعيد حساباته تجاه المنطقة العربية. ولم تكن "إسرائيل" ستصمد شهراً واحداً أمام الحصار الاقتصادي البحري الذي فرضته اليمن عليها، لكن السعودية والإمارات يخافون أن تنهزم "إسرائيل" وتنكسر، لذلك وقفوا إلى جانبها عبر إمدادها بالغذاء والدواء مقابل تضييق الخناق على غزة ومنع دخول ناقلات الغذاء لإغاثة الفلسطينيين.
يكفي أن اليمن هو عود الثقاب الأخير في هذا الليل العربي، وأنه أكثر الصباحات حقيقة وبهاء وسط كل هذا القبح.
* نقلا عن : لا ميديا