صلاح المقطري / لا ميديا -
من المعروف على مدى تاريخ اليهود والكيان الصهيوني الغاصب أنهم يعدون برامج وأهدافاً وخططاً لعقود عديدة مستقبلا، ويحسبون حساب أدق التفاصيل ضمن مشروع الهيمنة والسيطرة التي طالت معظم العالم في جوانبه المختلفة.
لكن يبدو أن اليمن هو الاستثناء الذي لم يضعوه في حسبانهم كما يجب؛ فلماذا؟
برأيي أن هناك عدة أسباب. فما قبل ثورة 21 أيلول/ سبتمبر كان اليمن يدار عبر السفراء وعبر المملكة السعودية التي كانت معنية بملفنا.
كان الصهيوني يرى فينا خطرا عليه؛ لكن ليس بحجم ما كان يرى في إيران وحزب الله وسورية ومصر إبان الرئيس جمال عبدالناصر.
كان الكيان الصهيوني قد أمّن وجوده من جهة مصر بإنجاز «اتفاقية كامب ديفيد» عام 79، وتَحوُّل مصر (أم الدنيا ومتزعمة مشروع الوحدة العربية حينها) إلى دولة حليفة وصديقة بعد أن كانت عدواً وجودياً، فأرسلت سفيرها واستقبلت سفيرهم وراحت تطبع مع الكيان وتوقع الاتفاقيات وتشارك في كل المؤامرات ضد القضية الفلسطينية وبالأخص غزة والمقاومة الإسلامية فيها.
وقبل ذلك نكبة وهزيمة حرب أكتوبر 73، التي هُزمت فيها جيوش مصر وسورية بعد أن كانت قد اجتاحت الكيان وكانت موشكة على سحقه نهائيا لولا خيانة السادات التي مكنت «إسرائيل» من عكس الهجوم واجتياح الجولان السوري والتوجه نحو دمشق وبالتزامن تدمير القوات المصرية المهاجمة واجتياح مصر والوصول إلى الإسماعيلية وقناة السويس واحتلال الضفة الغربية وغزة.
لاحقا بقي الكيان في حالة مواجهة متواصلة مع حزب الله وسورية وإيران. لكنه لم يسبق له الدخول في مواجهة عسكرية تذكر مع اليمن الذي ضمن تكالب قلاع العمالة والفساد عليه لإبقائه في وضعية لا تشكل أي خطر على الكيان فضلا عن عمله الدائم لامتصاص غضب الشعب اليمني وإبقائه محدود الأثر. فدوما تعامل مع اليمن عبر الوكلاء.
مع نهوض الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي بالمشروع القرآني تكفلت السلطة العميلة بالنيابة عن الكيان وأمريكا بمحاولة القضاء على أنصار الله وفشلت بذلك.
ومع انتصار ثورة 21 أيلول صاح الكيان الصهيوني بأن أنصار الله مهدد له، خاصة إذا ما وقع باب المندب تحت سيطرتهم.
وهنا دأبت الجهود لتوجيه عملية عسكرية جديدة تضمن هذه المرة التخلص من هذا التهديد، وهو ما حدث تحت مسمى «عاصفة الحزم» بمبرر «استعادة الشرعية»، وهذه المرة أيضا خرج أنصار الله وكل اليمن بعد 9 سنوات من العدوان الكوني منتصرين بل وأقوى وأكثر عددا وخبرة وقدرات مما سبق.
واصل الكيان الصهيوني النواح لعمل حل لأنصار الله واليمن، ولم يحدث ذلك. لكن مع ذلك لم يتوقع العدو أن يكون اليمن بهذا الخطر الوجودي عليه، لاسيما في البحر الأحمر وباب المندب.
سبق وحذرهم سيد الجهاد السيد عبدالملك بأن على العدو الصهيوني حساب اليمن في أي مواجهة قادمة مع محور المقاومة.
ولم يكن الكثيرون يتوقعون أن اليمن سيكون له مثل هذا الموقف المشرف والبطولي والذي لم يسبق حدوثه من أحد قبل اليوم.
إنها الإرادة الإلهية التي لم ترد أن يدرك الأعداء خطر اليمن قبل أن تبدأ المواجهة الحاصلة الآن. المعادلات التي لم يتوقع العدو الصهيوني أن تقلب الطاولات على رأسه العاجزة عن التفكير بأي حل يخلصه من ضربات اليمانيين وحصارهم الفولاذي.
فأي حلول سيفكر بها الآن قد سبق وتم تجريبها ولم تنفع مطلقا، بل إن النتيجة كانت معاكسة.
إنه الله الذي يقود زمام المعركة، والله خير الماكرين.