ردّت صنعاء على المساعي الأميركية والإماراتية لتحريك الجبهات الداخلية عن طريق ميليشيات «المجلس الانتقالي الجنوبي»، باستهداف سفن عسكرية أميركية في البحر الأحمر، مهدّدة في الوقت نفسه باستهداف العمق الإماراتي، في رسالة مفادها أن إشعال الجبهات في الداخل لن يشغلها عن فرض حظر مرور السفن المتصلة بإسرائيل وكل من يدعم عدوانها على قطاع غزة، وإنما سيعود بعواقب أسوأ على الدول التي تسعى إلى إشعال الحرب اليمنية مجدداً. وتؤكد مصادر قبلية، لـ«الأخبار»، أن المواجهات العسكرية بين قوات صنعاء وميليشيات «المجلس الانتقالي الجنوبي» التابعة لأبو ظبي، استمرّت، أمس، لليوم الثاني على التوالي، وأسفرت عن سقوط نحو 18 قتيلاً وجريحاً من تلك الميليشيات. ووفق المصادر، فإن «الانتقالي» عزّز، مساء أول من أمس، قواته على جبهة كرش الواقعة بين محافظتَي لحج وتعز، محاولاً استعادة عدد من المواقع التي سقطت بيد قوات صنعاء. وتشير المصادر إلى أن «المواجهات ليست ناتجة من خروقات اعتيادية لاتفاق إطلاق النار، تطوّرت إلى مناوشات، وإنما هي محاولة من أبو ظبي لتفجير الأوضاع وإشعال الجبهات من خلال أدواتها في جنوب اليمن، وذلك في إطار الجهد الإماراتي لحماية مصالح الكيان الإسرائيلي».وتعترف مصادر مقرّبة من حكومة عدن، بدورها، في حديث إلى «الأخبار»، بأن «تفجير الأوضاع على جبهة كرش له علاقة بهجمات صنعاء على خليج عدن»، موضحة أن ميليشيات «الانتقالي» تهدف «إلى السيطرة على مرتفعات جبلية تعتقد أنها تُستخدم في الهجمات البحرية»، مضيفة أن المواجهات اشتدّت فجر أمس، واستخدمت فيها مختلف الأسلحة. وفي أول تعليق على تلك الاشتباكات، أكد عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، محمد البخيتي، أن «التصعيد الذي جرى في جبهة كرش وجبهة الضالع، يأتي في سياق الاستجابة للضغوط الأميركية لاختبار ردّة فعلنا وردّة فعل الشعب اليمني». ونصح، في منشور له على منصّة «إكس»، الإمارات بعدم الانسياق وراء المساعي الأميركية الحثيثة للتصعيد، «لأن ذلك لن يكون في مصلحتها وستجد نفسها هذه المرة في مواجهة الشعب اليمني كله والمتسلّح بقدرات عسكرية متطورة».
لم تثنِ الاشتباكات صنعاء عن مهاجمة السفن الحربية التابعة لدول العدوان
وفي الاتجاه نفسه، يؤكد مصدر عسكري مطّلع، لـ«الأخبار»، أن «التصعيد الجديد من قبل الانتقالي سيقُابَل بردٍّ في العمق الإماراتي، كون ميليشيات الانتقالي في المحافظات الجنوبية مجرد أدوات إماراتية يحرّكها المال»، مضيفاً أن «صنعاء لديها القدرة على ثني أبو ظبي عن سلوكها الاستفزازي»، ومتابعاً أن «قوات صنعاء في أعلى جهوزية لمواجهة التصعيد البري والبحري». والواقع أن الاشتباكات لم تثنِ صنعاء عن مهاجمة السفن الحربية التابعة لدول العدوان. وفي هذا السياق، أقرّت القيادة المركزية الأميركية، أمس، بهجوم يمني جديد استهدف المدمرة الأميركية «يو إس إس غرافلي». وقال بيان القيادة إن الهجوم تمّ بصاروخ باليستي مضادّ للسفن وطائرتين مسيّرتين، مشيراً إلى أن القوات الأميركية اشتبكت مع الطائرتين، فيما لم يتحدث عن مصير الصاروخ.
وغداة وصول عروض أميركية جديدة إلى صنعاء مقابل وقف الهجمات في البحر الأحمر، أكدت مصادر في حركة «أنصار الله»، مجدداً، أن موقفها المساند للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، غير قابل للمساومة، وأن العمليات في البحر الأحمر وخليج عدن مستمرّة حتى وقف الحرب ورفع الحصار عن القطاع. وتقول مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، خلال زيارته، أول من أمس، السعودية وسلطنة عمان، عرض التراجع عن تصنيف «أنصار الله» كحركة إرهابية، والدفع بمسار السلام، مقابل وقف الحركة عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية. والعرض الأخير سبق للولايات المتحدة أن قدّمته قبيل إعلانها قرار إعادة التصنيف منتصف شباط الماضي، مع عروض أخرى تتضمّن تخلّي حلفاء واشنطن عن الكثير من المكاسب لمصلحة صنعاء، قوبلت جميعها برفض «أنصار الله» التي أكدت عدم وجود علاقة بين عملياتها في البحر الأحمر ومسار السلام في اليمن.
وعلى رغم اعترافه بارتباط العمليات اليمنية البحرية في البحر الأحمر بالأحداث المستمرة منذ 7 تشرين الأول الفائت في قطاع غزة، حاول ليندركينغ، مقايضة صنعاء بالسلام مقابل خفض التصعيد. وقال في ردّه على أسئلة صحافيين عبر البريد الإلكتروني، حسبما نشره مكتبه مساء أول من أمس، إن واشنطن ترغب في استئناف البحث عن وقف دائم لإطلاق النار في اليمن، مشيراً إلى أن بلاده تعمل مع الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن. إلا أنه رأى أن استمرار عمليات البحر الأحمر مهدّد رئيسيّ للسلام، وطالب صنعاء باتخاذ خطوات حسن النية أمام المجتمع الدولي، وذلك بخفض التصعيد، والإفراج عن طاقم السفينة الإسرائيلية «غالاكسي ليدر».
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية