حين نُزعت مشاعرُ الرحمة والإنسانية من القلوب القاسية لحكام الرياض رأيناها تفيضُ من اليمن ومن القلب الكبير للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في الأعوام الماضية رأينا الإنسانيةَ تُذبَحُ من الوريد إلى الوريد بسيف الفجور والوحشية السعوديّة المشحوذ بالدعم الأمريكي الصهيوني في ظل صمت المجتمع الدولي على مدى أربعة أعوام من الجرائم بحق الشعب اليمني التي طالت الأخضر واليابس، بالمقابل رأينا الرحمة والإنسانية تمشي على قدمَين عندما أطلق السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مبادرته لإطلاق الأسير السعوديّ موسى عواجي بعد تدهور حالته الصحية ورفض قادة بلاده الأجلاف عدة مبادرات من لجنة شؤون الأسرى ووساطات الأمم المتحدة ولجنة الصليب الأحمر الدولي لإطلاقه.
لم تمضِ سوى أقلَّ من أربع وعشرين ساعة حتى تلقّفت المبادرةَ قيادةُ المجلس السياسيّ الأعلى ووجّهت بالإفراج عن الأسير السعوديّ دون شروط.
هذه المبادرة اللافتة إنسانياً ليست غريبةً على يمن الإيْمَـان والحكمة، يمن الأنصار، ولا على ثقافته وأَخْــلَاقه، مثلما لم يكن غريبا صلف حكام الرياض وتعنتهم ولا مبالاتهم في حالة الأسير عواجي الذي عجزت المستشفيات اليمنية عن علاجه نظراً للدمار الذي لحق بها جراء العدوان والحصار الذي فرضته آلة القتل والوحشية السعوديّة.
الآلةُ الإعلاميةُ السعوديّةُ وكما هو ديدنُها في بيع الوهم لشعبها وممارسة أبشع أنواع التضليل بدءاً من تسويق أسباب حربها العدوانية والظالمة على اليمن وليس انتهاء بقصة الأسير السعوديّ عواجي، حيث نقلت هذه المرة عن ناطق العدوان تركي المالكي ما وصفه بنجاح التحالف بالتعاون مع الأمم المتحدة بإطلاق الأسير السعوديّ، متناسياً تعنت قيادته طوال المدة الماضية وعدم مبالاتها بحالة الأسير عواجي المتدهورة.
تكذيبُ وسائل الإعلام السعوديّة جاء على لسان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن الذي رحّب بإطلاق الأسير السعوديّ المريض والذي قام الصليب الأحمر بنقله إلى الرياض، واصفاً هذه الخطوة بغير المشروطة، وأمل المبعوث الدولي في نفس الوقت بمبادرات مماثلة من الطرفين، الأمر الذي يؤكّــد أنها خطوةٌ من طرف واحد كمبادرة دون أي مقابل.
هذه الخطوةُ أقلُّ ما توصف به هو أنها محرجة وتلحق العار بتحالف العدوان الذي دمّر البنية التحتية الصحية ورفض كُلّ المبادرات لإطلاق هذا الأسير ليأتي الإفراج عنه حاملاً كُلَّ معاني الإنسانية التي يتحلّى بها الشعبُ اليمني وفقاً لمبادئه وقيمه الإسْلَامية العظيمة.
وفي المقابل لن تستطيعَ الفبركة الإعلامية لتحالف العدوان بخصوص قضية الأسير المفرج عنه أن تمحو العار الذي لحق بآل سعود ليس في حَـقّ هذا الأسير فقط، بل أَيْضاً في ترك بقية الأسرى الذين لا يزالون في قبضة الجيش واللجان الشعبيّة دون تبادل، مع أن المبادرات لا تزال قائمة من قبل الجانب اليمني، للإفراج عن كُلّ الأسرى وفق معادلة الكل مقابل الكل.
ورغم الإحراج الذي تسببت به هذه الخطوة إلا أن ذلك لا يمنحنا الكثيرَ من الأمل بتغيُّر تصرفات وسلوك النظام السعوديّ في الملفات الإنسانية، لا سيما أن ما يلمس من قادة هذا التحالف طوال أربع سنوات من عمر العدوان على اليمن يجعل المتابعَ يرجحُ استمرارَ العدوّ في تعنُّته وصَلَفِه في كُلّ ما له علاقةٌ بالشؤون الإنسانية وعلى رأسها ملف الأسرى، ليبقى ملطَّخاً بالعار الذي يستحقُّه إلى يوم القيامة.