خلافاً لما كان سائداً قبل أيام من توتر بين صنعاء والرياض، يبدو أن الأخيرة استوعبت نصيحة قيادة حركة «أنصار الله» بشأن مخاطر المشاركة في التصعيد الاقتصادي الذي تبنّاه «بنك عدن المركزي»، بإيعاز أميركي، ضد صنعاء.
إذ دفعت السعودية نحو وقف الإجراءات التي أعلنها البنك المذكور ضد البنوك وشركات الحوالات المالية في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ، الأسبوع الماضي، في وقت غادر فيه وفد رسمي رفيع المستوى من الأخيرة، إلى المملكة، لأداء مناسك الحج للعام الحالي.
وأثارت الأنباء عن رحلة الوفد الذي يقوده رئيس اللجنة العسكرية المفاوض، اللواء يحيى الرزامي، ويشارك فيه نائب رئيس الحكومة لشؤون الخدمات، حسين مقبولي، ومحافظ المحويت، حنين قطينة، ومدير مكتب رئيس الوزراء، طه السفياني، آمال اليمنيين في وقف التصعيد الاقتصادي الذي يتهدد مصادر عيش مئات الآلاف من الأسر، بخاصة أسر المغتربين.
مع ذلك، يقول مصدر حكومي في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن الزيارة، التي تعدّ الثانية من نوعها خلال موسم الحج، «لا تحمل طابعاً سياسياً»، مشيراً إلى أن «نحو 8000 حاج يمني من مناطق سيطرة حركة أنصار الله، نُقلوا جواً من مطار صنعاء لأداء مناسك الحج لهذا العام».ورغم ما تقدّم، إلا أن توقيت الزيارة، التي تأتي غداة تلويح صنعاء باستخدام القوة للرد على الإجراءات الاقتصادية المتَخذة ضدها، أكسبت الخطوة بعداً سياسياً.
وهو بُعد تعزّزه أيضاً حقيقة أن الوفد الذي زار مكة خلال موسم الحج الماضي برئاسة الرزامي، أجرى مباحثات مكثفة مع الجانب السعودي، والتقى وزير دفاع المملكة، خالد بن سلمان، وقيادات أخرى من بينها السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، حيث جرت مناقشة عدد من الملفات الخاصة بالتهدئة واستحقاقات السلام. وعليه، ربما تُعدّ الزيارة الأحدث مؤشراً إلى استمرار التواصل الديبلوماسي بين صنعاء والرياض، والتزام الجانبين بتفاهمات سابقة سبق لواشنطن أن طالبت بتجميدها مطلع كانون الثاني، في إطار مساعيها للضغط على «أنصار الله» للتراجع عن عملياتها في البحر الأحمر وخليج عدن.
وكانت السعودية قد استدعت رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، على خلفية التصعيد الاقتصادي الذي بدأته حكومته.
وبحسب مصادر ديبلوماسية مقربة من حكومة عدن تحدثت إلى «الأخبار»، فإن خالد بن سلمان الذي التقى العليمي في وقت متأخر من مساء الأربعاء، حثّه على وقف ذلك التصعيد، رغم محاولة الرجل تبرير ما أقدم عليه «مركزي عدن» بأنه يأتي في إطار «الإصلاحات الاقتصادية» التي كان وعد المملكة بالقيام بها أواخر العام الماضي.
وفي أعقاب اللقاء، أكد ابن سلمان، في صفحته على منصة «أكس»، دعم بلاده للجهود المبذولة لإحلال السلام في اليمن، وتنفيذ خارطة الطريق الأممية، وصولاً إلى حل سياسي شامل، في حين أوضح مصدر اقتصادي مقرب من حكومة عدن، لـ«الأخبار»، أن «الضغوط السعودية تسعى إلى تصفير إجراءات بنك عدن ضد البنوك التجارية والإسلامية في صنعاء، وإبطال قرار وقف التداول بالعملة المتعامل بها في العاصمة، في المحافظات الجنوبية والشرقية».
من جهتهم، حذر سفراء الاتحاد الأوروبي من خطورة القرارات الأحادية التي اتخذها «مركزي عدن» على مسار السلام.
وخلال زيارة لهم إلى المدينة الجنوبية التقوا خلالها محافظ البنك، أحمد غالب المعبقي، دعوا الحكومة و«المركزي» إلى معالجة الأزمة المصرفية الحادة مع صنعاء، وحثّوا على «مواصلة المشاركة البناءة في جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة»، وجدّدوا دعم الاتحاد الثابت للجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة وعادلة.
وكان «مركزي عدن» قد نشر، على موقعه الرسمي في أعقاب اللقاء، أنه تمكن من إقناع البعثة الأوروبية بقراراته الأخيرة، إلا أن مضمون بيان البعثة أكد اعتراض سفراء الاتحاد على تلك القرارات.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية