في يونيو 2004 وفي ذروة الحرب على السيد حسين الحوثي كتب المناضلُ والكاتبُ الكبير الشهيد عبدالكريم الخيواني رئيسُ تحرير صحيفة الشورى مقال (علي الكيماوي).. (علي كاتيوشا)، ومما كتبه (بين كيماوي وكيماوي آخرُ مسافة الشهادة وَالتضحية التي نحتاج اليوم إلى من يشعلها في نفوسنا)..
الجملةُ هذه وأخرى غيرها في ذات المقال كانت بمثابة بيان ثوري صارخ قبل أن تكون استشرافاً ثاقباً لمآلات المواجَهة..
انطلق مسارُ التضحيات واشتعلت الثورةُ في نفوس كثيرة ولم تطفئها ستُّ حروب ضارية على المسيرة ولا عدوان كوني لم تشهده اليمنُ على مر تأريخها..
استمر علي محسن في دائرة عمى مغلقة مجرد بيدق تحرّكُه السفاراتُ الأجنبية يجهلُ -والتعبير للخيواني- (أن الدم انتصر على السيف من الحسين إلى زيد (ع) وأن السجن انتصر على العنصرية كما أكّد مانديلا، ولا يعلم أين (وحشي) وبن ذي الجوشن وعلي الكيماوي في التأريخ)..
أتذكّرُ أنني قرأتُ المقال بعد أن وجدتَه مصوراً من الصحيفة في ورقة وأخبرني أحدُ الأساتذة الأجلاء حينها (2008) أن كتاباتِ الخيواني كانت تصوّر وتُنتشرُ بشكل لافت منذ الحرب الأولى التي استهدفت المشروعَ القرآني للسيد حسين الحوثي وحين سألته عن مرد ذلك قال: وضوح في الطرح يفتحُ الأفقَ أمام كُــلّ من يقرأها..
مذاك الوقت قرأتُ للخيواني كَثيراً وكانت تستوقفُني سخونةُ سطوره في كُــلّ مقالة، وتلك الثورية التي تمزق أية صورة أخرى قد قدمتها الآلةُ الدعائيةُ للسلطة وتشيّدُ وعياً حيّاً لا يهترئ البتة..
وفي مايو 2014 كتب الشهيدُ الخيواني على صفحته في الفيس بوك تعليقاً ساخراً على حديث صالح حينها بأن الحوثيين خاضوا معه حرب صيف 94، وَتحت عنوان “يموت صالح ولسانه يكذب”.
(لم يحترم صالح عقلَ شعبه وهو يحكُمُ وبعد أن سقط قال: الحوثيون شاركوه بحرب 94؟؟ هل كان حينها في حوثيين أصلاً؟ الشهيد حسين الحوثي كان الصوتَ الوحيدَ المعارِضَ للحرب بمجلس النواب وخطابه موجود، ثم لماذا ضرب منزل الوالد بدر الدين الحوثي رحمه الله قبل أن تبدأَ الحربُ على عدن؟ ولماذا غادر البلاد؟ نسي صالح مواقفَ حزب الحق والحملات ضده؛ باعتباره شريك الاشتراكي في التحالف الاشتراملكي حسب تصنيفه هو وشركاؤه..
صالح يتكئ على ضعف ذاكرة الناس كعادته ويكذب حسب ظروف الزمان والمكان)..
استشهد الخيواني بالرصاصة الأولى للعدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن، قبل أن يرى السقوط المدوي لصالح وإلى أي مدى تعرض للانكشاف أمام اليمن والعالم.. وكيف أن النهاية حصلت تماماً كما استشرف ذلك في تعليقه السابق..
لقد لقي صالح مصرعَه وهو يكذبُ ولفظ أنفاسَه تحت وَهْــــمِ القدرة على تنفيذ الدور الموكَل إليه لحساب العدو وتقديم العاصمة وغيرها على طبق من ذهب إلى فم تنين الاحتلال، ولكن بعد مرحلةٍ من الظهور في ضفّة اليمن..
الخلاصةُ يا كريم في الذكرى الرابعة لاستشهادك نخبرُك أننا قد شهدنا انقراضَ صالح كعادة القتَلة وهو يكذبُ ويدّعي العملَ للجمهورية من خلال تمكين الاحتلال منها..
ليس هذا فحسب ونحدِّثُــك أننا قد عاينا كيف أن الشهداءَ ينمون بالشهادة.. فوجدناك تقاتِلُ في كُــلّ جبهة ومحور من أجل التحرّر من أجل التغيير بمعناه الحقيقي وليس المزيَّف.. برفقة عشرات الآلاف وخلفهم مئات الآلاف يستلون في وجه الغطرسة والتحديات، شعارَك الأثير “سنواصل”..
وحتماً ستنهارُ مشيئةُ العدوان..؛ لأن القوى الثائرة بمنطق التأريخ لا تنتهي؛ ولأن القتَلة مندثرون.. أما المقاتلون فمنتصرون.