نجح مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله)، الاثنين، بِشّن هجوم جوي بِسربٍ من المسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة «الفرقة 91» المُستحدث في ثكنة «أييليت هشاحر» شمال شرق صفد في الجليل الأعلى، شمال فلسطين المحتلة، وتمكّنوا من استهداف أماكن تموضع ضباط وجنود الاحتلال في مكان استقرارهم في الثكنة المذكورة، وإصابتها بشكلٍ مباشر، وإيقاع عدد منهم قتلى وجرحى.
صحيح أن هذا الاستهداف الناجح والحساس لقاعدة عسكرية رئيسة للعدو في الجليل ليس جديداً، فقد نجح حزب الله في استهداف أغلب قواعد العدوّ على جبهته الشمالية خلال هذه المواجهة المفتوحة معه إسناداً لغزّة منذ بداية عدوانه بعد «طوفان الأقصى»؛ ولكن يمكن القول بأن هذه العملية الأخيرة تحمل عدة نقاط لافتة ومؤثرة وذات دلالات استثنائية يجب الإضاءة عليها.
أولاً: مع أنّ العملية جاءت في سياق الاشتباك المفتوح أصلاً، دعماً للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزّة وإسناداً لمقاومته، ورداً على الاعتداءات والاغتيالات التي نفذها الاحتلال «الإسرائيلي» في بلدات البازورية ودير سريان وحولا؛ ولكن حساسيتها وخطورتها بالنسبة إلى العدو أنّها حصلت في ظل ما يعيشه من استنفار كامل وجهوزية عالية المستوى في وحداته كافة، وخاصة في الوحدات الجوية وفي وحدات الدفاع الجوي، لمواجهة ردّين حتميين منتظرين، من إيران رداً على اغتيال الرئيس الشهيد إسماعيل هنية في طهران، ومن حزب الله رداً على اغتيال القائد الشهيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، ولتكون نتيجة الاستهداف، وفي ظل هذه الجهوزية التي من المفترض أن تضبط هذه المسيّرات، مؤلمة للعدو، في عدد الإصابات المؤكدة من ناحية، وفي رمزية الهدف، وهو قيادة فرقة رئيسة للعدو بعيدة عن الحدود مباشرة وأساسية في إدارة معركته على جبهته الشمالية.
ثانياً: الأهم في ما حصل في سياق العملية، غير عدد الإصابات ورمزية الهدف وتوقيتها القاتل بالنسبة إلى العدو، هو سقوط صاروخ دفاع جوي للعدو وانفجاره على الأرض بعد فشله في اعتراض أيٍّ من المسيّرات الانقضاضية التي نجحت في استهداف الثكنة. وهنا بيت القصيد في هذه النقطة، من خلال ما أثبتته هذه الواقعة، في إعادة تكوين مشهد مماثل تماماً لما حصل في ملعب مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، حيث انفجر حينها صاروخ اعتراضي للعدو داخل الملعب وبين الأطفال الذين استشهدوا، كانت مهمته اعتراض أحد صواريخ المقاومة التي كانت تستهدف قواعد العدوّ المنتشرة في مناطق الجولان المحتل في جنوب مجدل شمس بعدة كيلومترات، استند إليه لتنفيذ عدوان مركب، على الضاحية الجنوبية لبيروت، أسفر عنه استشهاد القائد الجهادي الكبير السيد محسن شكر ووقوع عدد من المدنيين بين شهيد وجريح.
محلل عسكري واستراتيجي لبناني
* نقلا عن : لا ميديا