كان وما يزال وسيظل السلام خيار القيادة الثورية والسياسية والقوى الوطنية الحرة الرافضة والمقاومة والمقارعة للعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني على بلادنا ، فلا مصلحة للسلطة اليمنية الشرعية المتمثلة في المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني في استمرارية الحرب، والمتابع لمجريات الأحداث والمباحثات والمشاورات والحوارات والمفاوضات التي جمعت بين الوفد الوطني ووفد مرتزقة الرياض وأبوظبي يلمس جدية الوفد الوطني ورغبته الملحة في تحقيق السلام وإيقاف الحرب وإنهاء الحصار، تعزز ذلك المبادرات والتنازلات التي قدمها الوفد الوطني والقيادة الثورية والسياسية والتي تصب في هذا الجانب ، ولو كانت هنالك ذرة إنصاف لدى الأمم المتحدة وأمينها العام ومبعوثها إلى اليمن، لأدرك العالم الأطراف التي تقف مع استمرار الحرب والحصار، وإفشال كافة الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام ووقف العدوان ورفع الحصار.
الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى وقف إطلاق النار في اليمن ، حيث تزامن توقيت هذه الدعوة مع تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية صوب مدينة مارب ، وعلى الرغم أن هذه الدعوة لم يتم التعامل معها بجدية من قبل الأمم المتحدة ( صاحبة المبادرة) ولم تحظ بموافقة واستجابة قوى العدوان ومرتزقته حيث ما يزال القصف الجوي والخروقات اليومية لاتفاق السويد بشأن الحديدة متواصلة دون أن تحرك الأمم المتحدة ساكنا تجاه ذلك ، واليوم يتم الحديث عن موافقة قوى العدوان بالتوقيع على هدنة يتم خلالها وقف إطلاق النار ابتداء من ظهر يوم أمس، في الوقت الذي ما تزال الخروقات من قبل المرتزقة وقوى العدوان متواصلة ، ويبدو أن الحديث عن هدنة مؤقتة عبارة عن مناورة سياسية الهدف منها حشد المزيد من المرتزقة وترتيب أوضاعهم في الجبهات وعلى وجه الخصوص مارب والحديدة والبيضاء والجوف، وتزويدهم بالمزيد من الآليات والمدرعات التي يرون أنها قادرة على حسم المواجهات لصالحهم وترجيح كفتهم، رغم كل الدعم والإسناد العسكري واللوجستي الهائل الذي قدم لهم على مدى خمس سنوات.
المجلس السياسي الأعلى ولإثبات حسن النوايا وتأكيد المؤكد على رغبته الصادقة في إيقاف الحرب ورفع الحصار وتحقيق السلام، تقدم إلى الأمم المتحدة بوثيقة تضمنت مشروع الحل الشامل لوقف الحرب وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار ، واشترط المجلس السياسي الأعلى التوقيع على هذه الوثيقة دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ، حيث اشتملت الوثيقة على ثلاثة موجهات رئيسية ، الأول يشمل إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار والترتيبات المتعلقة بذلك ، والثاني اشتمل على انهاء الحصار والتدابير والمعالجات الاقتصادية والإنسانية والذي يشمل انهاء الحظر الجوي والحصار البري والبحري وضمان سلامة ناقلات النفط من صافر، وصرف مرتبات الموظفين، وتنسيق السياسة النقدية وإتلاف العملة غير المتوافق عليها ووقف طباعة أي عملات إلا وفق السياسة النقدية بإشراف لجنة مشتركة، وقيام الأمم المتحدة بدعوة الدول الدائنة لبلادنا بإسقاط جميع الديون وأي فوائد أو آثار تترتب عليها ، وإعادة الإعمار وتعويض كل من طالهم ضرر العدوان والحصار، والإفراج عن كافة المعتقلين وتبادل الجثامين وكشف مصير المفقودين، وإعادة التيار الكهربائي عبر محطة مارب الغازية ، وتنسيق الجهود لمواجهة فيروس كورونا ، فيما خصص الثالث للعملية السياسية والذي نص على رعاية الأمم المتحدة حواراً يمنياً مستقلاً دون تدخل خارجي يراعي الثوابت الوطنية بحيث يقدم كل طرف مقترحاته للحل السياسي وعقب التوصل إلى مخرجات للحوار تطرح للاستفتاء الشعبي.
بالمختصر المفيد، الرؤية الوطنية للحل الشامل تبدو منطقية ومعقولة ومقبولة ولا تتضمن أي بنود تستهدف هذا الطرف أو ذاك، ولكنها تحمل في طياتها المخرج لقوى العدوان والمرتزقة من المستنقع اليمني، وتضمن للشعب اليمني الخلاص من معاناة ومكدرات وأحزان وأوجاع خمس سنوات كاملة من العدوان والحصار، وتتيح لملايين اليمنيين تنفس الصعداء بعد خمس سنوات عجاف ، وعلى الأمم المتحدة إذا كانت جادة في دعوتها للسلام ووقف اطلاق النار وإنهاء الحصار أن تعمل على تبنيها وإلزام قوى العدوان ومرتزقته بتنفيذها، فلم يعد من المقبول القبول بالحلول الترقيعية ، والهدنة المزمنة ، فلا وقف لإطلاق النار إلا بوقف العدوان نهائيا وانهاء الحصار، ولا مكافحة لكورونا إلا بإغلاق المنافذ ومنع تدفق العائدين من دول المهجر ، وما دون ذلك عبارة عن مناورة مفضوحة الهدف منها إيقاف تقدم الجيش واللجان صوب مارب ، وتمكين المرتزقة من التقاط أنفاسهم وترتيب صفوفهم والاستعداد لجولة جديدة من المواجهات، ولا يمكن القبول بها مطلقا.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.