يواكب اليوم ذكرى 2000 يوم على العدوان والحصار المفروض على اليمن، استخدم خلالها أعداء الإنسانية كل الأسلحة الممنوعة والمحرمة لقتل شعبنا وتدمير بلادنا بغية تركيع هذا الشعب أو حتى تطويعه، ولم يحصدوا غير الخزي والهزيمة.
2000 يوم كانت كفيلة بقلب الموازين دون أن ينجح تحالف العدوان في أن يحقق هدفاً واحداً من أهدافه المعلنة وغير المعلنة، كما فشل في تبرير انتهاكاته بحق النساء والأطفال، وآلاف الأسر التي تشردت ومئات الآلاف من الجوعى بسبب الحصار وقطع المرتبات، ورغم ذلك مازالت اليمن تتمسك بموقفها الثابت والداعم للمفاوضات السياسية والمرحب بأي جهود أممية للسلام رغم المعرفة المسبقة بسلبية الدور الأممي تجاه المظلومية اليمنية.
ضربت اليمن قيادة وشعباً نموذجاً مثالياً في الصمود والقوة والعزة والثبات في وجه العدوان والحصار المفروض عليها منذ 26 مارس 2015، وسجل اليمني «حافي القدمين» بطولات ترقى إلى المعجزات يخلدها التاريخ في المواجهة واستعادة الأرض، وانتقل في استراتيجية المواجهة من الدفاع إلى الهجوم، واستطاع أن يدحر جيوش التحالف ومرتزقته الذين تم تجميعهم من مختلف أنحاء العالم ولفهم هذه المعجزة التي صنعتها اليمن لا بد من مراجعة الوضع الذي كانت عليه اليمن قبل العدوان، والأجواء التي كان الأمريكي قد هيأها منذ عشرات السنوات لاستهداف اليمن وتدميره وتقسيمه، والأجواء التي ظنت واشنطن أنها أصبحت مهيأة، ابتداءً من سياسات التبعية والولاء المطلق للأمريكي التي انتهجتها الأنظمة السابقة على مدى العقود الثلاثة الماضية، وتدمير الأسلحة النوعية لليمن، وصولاً إلى سياسات التجويع والإفقار والفساد الذي كان ينخر كل مؤسسات الدولة، وصولاً إلى استباحة الأجواء اليمنية وشراء الآلاف من المخبرين والجواسيس والعملاء في الدولة والمجتمع، فضلاً عن تجهيز معسكرات ضخمة للتنظيمات الإرهابية ودعمها بسخاء منقطع النظير منذ العام 1990 ومنح زعماء هذه التنظيمات رتباً عسكرية واعتمادات مالية حكومية، هذا كله غير شغل اللجنة السعودية الخاصة وشرائها قيادات الدولة وعدداً من المشائخ وزعماء القبائل آنذاك.
كل تلك التحضيرات والترتيبات التي أنفقت عليها واشنطن ومشيخات الخليج أضعاف ما تم إنفاقه في 2000 يوم من العدوان، أوهمتهم جميعاً أن الأرضية أصبحت جاهزة لكسر إرادة اليمنيين وفرض المشروع الصهيوني على تراب اليمن من خلال إقامة نظام حكم جديد موال لـ»تل أبيب» ضمن مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، ولكن الصمود اليمني وانخراط اليمنيين في مشروع المواجهة أفشل كل تلك المخططات، ومضى بخطوات واثقة نحو استعادة ما كان قد سيطر عليه العدوان ومرتزقته من مناطق ليسحب من أيديهم كل الأوراق التي كانوا يتبجحون بها في جولات التفاوض، كما أن إدارة المواجهة من قبل القيادة الثورية والسياسية بأخلاق وحكمة جردت دول العدوان من كل مبررات الاحتلال والحصار، بالإضافة إلى انتهاج سياسة النفس الطويل في المواجهة التي كانت عنصراً هاماً لمعرفة المخدوعين بحقيقة هذا العدوان، لاسيما مع انكشاف الوجه الصهيوني الذي لطالما تحجج بمصطلحات واهية انكشفت مع مرور الوقت، مثل ادعاءات مواجهة التوسع الإيراني ودعم ما يسمى «الشرعية» ودحر ما وصفوه بـ»الانقلاب».
2000 يوم من صمود الأحرار انتهت بحالة وعي لدى كل اليمنيين دون استثناء بصوابية مواجهة العدوان الصهيوخليجي، ولكن مع الأسف برغم حالة الوعي هذه المبنية على الحقائق وانكشاف الأقنعة، إلا أن مرتزقة وعبيداً مازالوا يكابرون ويقفون حتى اللحظة في حضن الصهيوني، ويوهمون أنفسهم أنه أفضل لهم من العودة إلى أحضان الوطن، فهل سيطول وهمهم أم سيعودون قريباً ليغتسلوا من ذنوب العمالة والخيانة؟
* نقلا عن : لا ميديا