لم تكن هكذا يوماً...ها هي مرمية أمامي تملؤها الفوضى ، تعلوها الغبرة و يسبح فيها شبح الموت بعد أن كانت تفيض حياة...
ما أقسى أن تكون حقيبتي على بعد قدم مني تشكو إلي و لا أستطيع أن أحرك ساكناً....من التي لطالما خبأت بها حلماً وثقته يوما على إحدى سطور دفاتري (سأكون طبيبة)...
ها نحن نفترق يسكن بنا هدوء الموت...لا زلت لا أدري ماذا و لماذا؟! ..و لا أعرف بمَ أخطأت...جلُّ ما أتذكره امتحان أعددت له البارحة...لم ينقصني سوى قلم أخذت ثمنه من والدي قبيل مغادرتي على عجل ظهر اليوم،،، يومي الذي لم يكتمل..لم ينتظروا ليدعوني أضع إجاباتي على ورقة الامتحان و يروا كم اجتهدت.. ليروا أني كنت لأحصل على درجة عالية...لم يمهلوني أن أعود و لو بضع ثوانٍ لأزرع قبلة على جبين أبي و ألثم خد أمي و أغرف من حضنها الدافىء لم يتركوا لي و لو ثوانٍ لأتصفح و جوه أخوتي و أهديهم نظرة وداع...
على أديم الأرض كنت أمشي فاختلط ضوء عظيم بضجيج أعظم تلاهما ظلام التهمني و غاب نور النهار... كنت دائماً أشاهد وأسمع وجوه شاخصة ..دماء.. أشلاء ....عواء آلات الدمار هذا فقط ما كان يلف عالمي .... لقد اقترب كل هذا مني لأصبح أنا.... أنا مسرحاً له و أصبح جزءاً و مشهداً من مشاهده المتكررة....
ما بال قدمي عارية من حذاء أحكمت إدخالها فيه أراها تخالفني المسير هذه المرة و أنا أتبعها مسلوبة الإرادة إلى مكان غير وجتهي المعتادة صوب مدرستي...
أسرعت الخطا هذه المرة خفيفة كنسمة ترتفع مع الريح و ترتفع و ترتفع....و يالروعة المكان الذي وصلت إليه!