إحنا في عدوان، مقولة سائدة في الوسط الاجتماعي المناهض للعدوان يرددها من لهم موقف وطني من التدخل الأجنبي الراهن، لكنها لا تختلف في تأثيرها النهائي عن المقولات التي يرددها مرتزقة العدوان، فهذه المقولة على القدر ذاته من التخريب، سواء صدرت عن إعلامي، سياسي، مواطن، مسؤول... وقد ترسخ معناها: «إننا نعيش في مرحلة عدوان ولا يجب أن نمارس النقد أو المعارضة لحكومة الإنقاذ الوطنية»، وهو منطق فاسد، فإذا لم نقم نحن الوطنيين بذلك فالفراغ سيملؤه الخونة والعملاء والمرتزقة.
مقولة «احنا في عدوان» توصد باب النقد والمعارضة والتقويم و»سلخ الظهر». يغلق هذا الباب مع اتهام لمن يمارس النقد والمعارضة بأنه «عَميل، مرتزق، منافق»، وهذا أمر خطير ويُمثل تراجعاً عن المنجز الثوري الذي انتزعه الشعب في مرحلة النضال الاجتماعي الشعبي من فبراير 2011 حتى سبتمبر 2014، فطوال هذه الفترة تجاوز الشعب الخطوط الحمراء المتعلقة بالقداسة الوهمية للسلطة وشاغلي المناصب العليا، وعلينا تعميق هذا المكتسب لا التراجع عنه.
لا ريب أن النقد والمعارضة يجب أن تنطلق من دافع وطني يقصد التقويم والبناء وتصحيح مسار الحكومة ويكون منضبطاً بالبينة والبرهنة، من أجل أن تحسن الحكومة من أداءها وتخضع للمحاسبة، فهذا حق أراق الشعب دماء مقدسة في سبيله، ولا يحتاج المواطن لكي يمارسه إلى إذن أحد، وحتى مسألة إسقاط الحكومة والمطالبة بتغييرها إذا وصلت إلى مرحلة التأزم المعيق لصمود المجتمع وعملية مواجهة العدوان، فحتى هذا الأمر حق للوطنيين من الشعب في ظل القيادة الثورية الصادقة ممثلة بابن البدر.
إن مقولة «احنا في عدوان» يُفترض أن توجه في مسارها الصحيح، فنحن في عدوان وعلينا أن نصون لقمة الشعب ليصمد في الدفاع عن الوطن، وعلينا أن نحرص على ما وجد من مقدرات الشعب حتى ندعم بها الجبهة الداخلية والجبهة العسكرية.
ولأننا في عدوان ومرحلة استثنائية فنحن في حاجة إلى أن يكون التقشف مفروضاً على قيادات الدولة والحكومة. فحقيقة كوننا في عدوان لا تعني الصمت على الفساد وعلى الاختلال، والتنازل عن حق المعارضة الوطنية، بل تعني أن على الحكومة أن تعمل بأقصى طاقاتها وبما هو متاح من إمكانيات لتعزيز الصمود الوطني، في مقدمة هذه القضايا العمل على توفير ما يُمكن من رواتب الموظفين؛ فهي مسؤولية الحكومة، مع معرفتنا بأن الحرب الاقتصادية العدوانية هي التي قطعت الرواتب.
* نقلا عن : لا ميديا