قمة العدوانية والتوحش أن تتزعم عصابة إجرامية مكونة من فتوات وبلاطجة وقطاع طرق بجميع الألوان والأشكال، ثم تعرض عليهم خطتك الاستراتيجية لمهاجمة أحد الأحياء السكنية والاستيلاء عليه بشكل كامل، وبالفعل تجمع الناس في ساحة عامة وتعلن على رؤوس الملأ بذرائع واهية أنه سيتم تنفيذ هذا الهجوم تحت قيادتك وزعامتك.
تهجمون على الحي، تفردون عضلاتكم فوق أبنائه المساكين وتسفكون دماءهم، تستولون على بعض الأماكن وتعبثون بها، تغلقون الأزقة والمداخل والمخارج لتحاصروهم وتجوعوهم، تمضي سنوات على هذا الحال.. المشهد الاستبدادي العبثي لا يتغير.
كل الناس يعلمون أن عناصر العصابة يأتمرون بأمرك وينتهون عند نهيك، يعتبرونك قائداً مقدساً لا مجال للتشكيك بحكمته وتوجيهاته، لا يخطون خطوة دون استشارتك وأخذ الإذن منك. حتى إنهم لا يجرؤون على دخول الحمام (أعزك الله) إذا لم تكن راضياً.
ثم بعد سنوات من الجرائم التي تمارسها مع عصابتك، تجمع الناس من جديد وتعلن أنك ستنسحب من هذا العمل متظاهراً بالندم والحسرة، ستعلن التوبة والرجوع عن الذنب، وستقول متباهياً إنك قد أخرجت أهالي الحي المستضعفين من قائمة المنبوذين الخاصة بك، لكنك في الوقت ذاته ستترك العصابة لتستمر في جرائمها، رغم أنه بإمكانك أن تأمر الجميع بالتوبة والتوقف.
العصابة أنشأتها أنت، والعملية خططت لها وأمرت بتنفيذها أنت.. إنك وحدك صاحب القذارة، إذن فمن غير المنطقي أن توسخ الوسط وتذهب دون تنظيف قذارتك.
هذا بالضبط ما تريد أمريكا أن تفعله، بعد 6 سنوات من القتل والتدمير والتجويع قررت الانسحاب من تحالف الشر السعودي ـ الإماراتي عبر ما سمته إيقاف دعم العمليات العسكرية.
أنا لست ضد تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بانسحاب بلده من تحالف العدوان على اليمن وإخراج أنصار الله من قائمة الإرهاب، فالتعبير عن رغبته بإحلال السلام خطوة جيدة بغض النظر عن كل شيء.. لكنها تصريحات غير كافية وغير مقبولة بالنسبة لنا.
لم يكن بايدن طفلاً رضيعاً عندما أعلن صديقه باراك أوباما انطلاق العدوان على اليمن، بل في تلك الفترة كان قد أصبح رجلاً عاقلاً يدرك ما يحدث حوله، ويشغل بالفعل منصب نائب الرئيس.
إذن، فهو يعلم أن أمريكا تعتبر المسؤول الأول عن هذه الحرب، والقائد الأعلى لدول التحالف، وبالنظر إلى هذا تصبح تصريحاته بمثابة قطعة حلوى تافهة تراضي بها أحدهم بعد قتل عائلته وسجنه وتعذيبه بأبشع الطرق.
نحن نقول للرئيس الأمريكي الجديد إذا كنت تريد فعلاً إحلال السلام فعليك أن تعلن إيقاف العدوان ورفع الحصار الظالم على الشعب اليمني رسمياً، لا أن تعلن انسحاباً زائفاً وتترك العربان ليستمروا في ارتكاب المجازر واحتلال اليمن على هواهم.
دعك من التصريحات الرومانسية التي لا تجدي نفعاً، فنحن لسنا أطفالاً لتساومونا بقطعة حلوى على دمائنا وأرضنا، كما أننا نعلم أن السعودية وبقية العربان لا ينتظرون سوى إشارة من الإصبع الأمريكية لإنهاء هذا المشهد الدموي. هم لا يجرؤون على دخول الحمام دون إذن كما قلنا، فكيف سيجرؤون على وقف عملية عسكرية انطلقت بأوامر أمريكية؟
مثلما تم تدشين العدوان من البيت الأبيض، فيجب أن يتم إيقافه من البيت الأبيض، وما عدا هذا كلام فارغ.
أما إن كنتم تحاولون دغدغتنا فخذوها بالمختصر من محمد عبدالسلام: صواريخ اليمن للدفاع عن اليمن ولن تتوقف إلا بتوقف العدوان والحصار بشكل كامل.
* نقلا عن : لا ميديا