يزعجني أن أرى قصوراً كبيراً في تغطية إعلامنا الوطني لبعض الأحداث المهمة والحساسة، رغم أنه وبلا شك سيكون لها تأثير هائل في حال أعطيناها حقها من التغطية والحديث والنشر والتكرار، بل إن بعضها كفيل بقلب الطاولة على العدو.
أنا لا أنكر جهود أي وسيلة حرة صمدت في وجه الماكينة الإعلامية الكبيرة للعدو، ومعاذ الله أن أفعل ذلك، ولكنني متأكد أن بالإمكان فعل ماهو أعظم.
لنأخذ هذا الخبر، قبل أيام قليلة، على سبيل المثال:
«أعلنت المقاومة الوطنية في محافظة حضرموت الكفاح المسلح ضد القوات الأمريكية، وطالبت في بيان لها أبناء اليمن بحمل السلاح من أجل طرد المحتل الأمريكي، كما شددت على أن حضرموت لن تقبل بتواجد القوات الأمريكية المحتلة ولن تسمح باحتلال شبر واحد فيها من أي جهة كانت».
يا جماعة هذه صحوة شعبية لا ينبغي أن تمر مرور الكرام كأي خبر روتيني، أعتقد أن كل القنوات والإذاعات الوطنية تناولت الخبر مرة واحدة في نشراتها الإخبارية وانتهى الموضوع تماماً، بينما يفترض أن يحظى بتغطية واسعة ومستمرة تشعل الساحة ناراً ضد العدو، وذلك بالإشادة بأحرار حضرموت وتطمينهم بأننا إخوتهم وسنقف إلى جانبهم برجالنا وسلاحنا، خصوصاً عبر الإعلام المرئي والمسموع.
هكذا تكون تغطية مشتعلة لها تأثيرها في الميدان، كما أن صحوة أبناء حضرموت دليل إدانة ضد المحتل الأمريكي وتحالف الشر أمام العالم.
وهذا خبر آخر، قبل يومين تقريباً:
«أعلنت مجموعة من محامي حقوق الإنسان في بريطانيا تقديم شكوى قانونية في المملكة المتحدة تتهم فيها شخصيات بارزة في السعودية والإمارات بالتورط في جرائم حرب بحق اليمن، وسيقدم المحامون ملفاً من 200 صفحة يتضمن أدلة من عائلات المدنيين الذين قتلوا في الغارات الجوية لتحالف العدوان الذي تقوده السعودية، كما سيركز على ثلاثة أحداث منها مذبحتا أطفال ضحيان بصعدة والقاعة الكبرى بصنعاء».
أما النقلة الكبيرة في هذه الدعوى أنهم سيقدمون أدلة تتعلق بتعذيب وقتل المدنيين في عدن، من قبل مرتزقة كولومبيين تابعين لشركة عسكرية أمريكية خاصة متعاقدة مع دويلة الإمارات.
هذه خطوة إنسانية رائعة من المحامين البريطانيين، والأهم أنها تعتبر إدانة قوية تحاصر دول التحالف ومعها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في زاوية ضيقة، وتحرجهم جميعاً أمام الرأي العام العالمي والمحاكم الدولية.
من الواضح جداً أننا أمام خبر حساس للغاية له قيمته الكبرى، وكان يكفي أن يحظى بتغطية إعلامية كثيفة ليقلب الطاولة على العدو إعلامياً وسياسياً وعسكرياً، لكن مع الأسف فإن وسائل إعلامنا لم تدرك ذلك فأذاعته مرة واحدة، وبعضها لم تسمع به أصلاً.
هذه الأخبار تعتبر أوراق ضغط على قوى العدوان، وهي أيضاً فضائح لن يستطيعوا مواراتها حتى بماكينتهم الإعلامية الهائلة، لكننا نضيعها هباء..!
والمؤلم أكثر أن العدو لو سمع عن «مشرف حوثي تناول وجبة الغداء في مطعم»؛ لأشعل الخبر وأوصله إلى كل بقاع الأرض، وسيوظف الموضوع اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً و.. و.. و.. إلخ، وستستضيف قنواته المحللين والناشطين والمتحدثين ليشرحوا للعالم هذه الجريمة النكراء المتمثلة بأكل «لقمة».
هكذا نرى إعلام العدوان يختلق أتفه المواضيع عن القوى الوطنية ويشتغل عليها ليلاً ونهاراً، ورغم أنها أكاذيب من وحي خياله، لكنه يستفيد منها في تأجيج المجتمعات وتضليلها محلياً ودولياً..!
بناء على ذلك كله.. هذه رسالتي لكل مختص بتوجيه إعلامنا الوطني: «نحن نعلم أن الأحرار أسمى من أن يكذبوا، لكننا نتمنى أن تُعطى الحقيقة مزيداً من الاهتمام والتغطية، فقط لا غير».
* نقلا عن : لا ميديا