الانفعالات «الإنسانية» صارت مجرد (#ترند)، منذ انحصر الإدراك بما تحقنه وسائل الإعلام في الأدمغة.
مشاعر الإنسان؛ التعاطف، الانتماء، الاشمئزاز، الخوف، الكراهية... إلخ. كلها صارت خاضعة لمخرجات وسائل الإعلام المسيطرة.
الإعلام السائد يحكمه الممول، والممول ليس شخصاً، بل «رأسمال» له مشاريعه وأغراضه، فيستخدم الإعلام لدعم أهدافه أو تمويهها وتشويه من يعترض سبيلها.
لهذا تعمل وسائل الإعلام على تضخيم أو تهميش الأحداث بالانتقاء تبعاً لمصالح الممول وحاجاته الآنية للتلاعب بالإدراك، مثل جذب الأنظار نحو حدثٍ ما، و/أو إبعادها عن قضية أخرى. أما على المدى الطويل فهناك غايات وأساليب لا تنتهي أبرزها؛ توجيه الرأي العام بصياغة وتمرير المصطلحات الاختزالية المضللة، التنميط، الغمر الإدراكي..
مؤسسات إعلام الرأسمالية تتنوع من حيث المسميات والتنقيات، لكنها ليست مجموعة عازفين منفردين، بل هي أشبه بتجمع «كارتلات» بعضها معلنة وبعضها مموهة. سياساتها الإعلامية مرسومة لخدمة مشاريع فرعية، متعاضدة أو متنافسة مرحلياً، لكن مجموع مخرجاتها موجه لخدمة مطبخ مركزي قد يوحد خطابها أحياناً في شأن ما، وقد ينوع خطاباتها وفق سياسة توزيع الأدوار أو التخصيص بألوان متباينة ظاهرياً لضمان شمول مختلف الأذواق بما في ذلك استدراج ذوي الميول المخالفة، وأيضا للإيهام بتباين توجهات المؤسسات الإعلامية، وبهذا التعدد المخادع تتحقق فوائد كثيرة مثل طمس الحقائق وفق منهجية صناعة اللايقين؛ فمن خلال ضخ العديد من الروايات والتفسيرات المتضاربة عمداً يتم تشتيت الأذهان، حتى يشعر المتابع بالعجز عن الفهم وتمييز الصواب، فلا يجد مفراً من الاستسلام لحالة اللامبالاة إزاء قضايا وطنه وأمته.
من هنا يمكن فهم حاجة الإنسان للركض خلف أي (#ترند) يمارس من خلاله التفريغ العاطفي تضامناً وانفعالاً، حتى لو تعلق الأمر بحادث وهمي أو ثانوي تضخمه الدعاية وتتلاعب بتفاصيله، في سبيل خلق الإثارة واستدراج العاطفة المحتقنة للإنسان كي تنسكب خارج مجرى قضاياه المصيرية.
* نقلا عن : لا ميديا