لا تبتعد عن الناقلة المحملة بالغاز 100 متر.. لا تبتعد عن الأطعمة والعادات المضرة بالصحة.. لا تبتعد عن المرتفعات والمنحدرات الخطرة.
فقط يكفي أن تبتعد عن المخادعين «الذين يقولون ما لا يفعلون»، لكي لا تموت قهراً عندما تكتشف حقيقتهم، فالوجع والألم الذي سيصيبك أشد من ألم الاحتراق بالغاز أو السقوط من مكان مرتفع.
مثلاً أحدهم يمضي يومه بالكامل وهو يحدث الناس عن أهمية الإيمان وثمرته العظيمة، ويتنقل من مكان إلى مكان ليشرح للمجاهدين ضرورة مناصرة الحق والوقوف في وجه الباطل مهما كانت الظروف، ثم يروي لهم مواقف الأئمة العظماء وأعلام الهدى في نصرة المظلومين ومقارعة الظالمين.
عندما يتحدث تلمس فيه وعياً وفهماً واسعاً، وتجد في كلامه ثقافة إيمانية راقية جداً، والرجل مستمر في التثقيف والتوعية وتنوير الناس ليلاً ونهاراً، حتى تظن أنه أكثر شخص مثالي قابلته في حياتك.
يجعلك تعتقد أنه آخر حبة في الكرتون، نور يمشي على الأرض، وأينما وُجد هذا الرجل ستكون هناك عدالة ورضا وإيمان وحياة مثالية!...
تمضي أيام وأسابيع وربما شهور، وأنت مازلت تعتقد أن الرجل ليس له مثيل.
لكن بمجرد أن تظهر بعض الأحداث والتقلبات في المحيط، تنصدم بالواقع المر كمرارة الحنظل، إذ يتضح لك أنك إنسان مخدوع ومضحوك عليه، وأن ذلك الرجل مجرد شخص يقول ما لا يفعل.
يحصل ظلم وجور واستبداد في مكان تحت مسؤوليته، ومِن قبل أشخاص هو مسؤول عليهم، فتراه يساعدهم ويساندهم في كل ممارساتهم الجائرة.
الرجل الذي كان يحدث الناس عن وجوب مناصرة المظلومين، ها هو يناصر الظالمين ويقف معهم بكل قوته!
يرى المظلومين يستنجدون به ويطلبون منه يد العون، يصيحون بأعلى صوت جراء الممارسات الظالمة التي تطالهم، ينتظرون منه الإنصاف كونه معنياً بهم ومسؤولاً عليهم، لكنه يدير وجهه ولا يتنازل حتى للاستماع إلى شكواهم.
يكتفي بالاستماع إلى أكاذيب أصدقائه، ويصر على وضعهم فوق رقاب المستضعفين ليعبثوا ويلعبوا كيفما شاؤوا!
ما أشد الألم الذي سيعتصر قلب كل واحد من أولئك المظلومين، الذين كانوا يظنونه رجلاً مؤمناً صادقاً من المستحيل أن يرضى الظلم لأحد.
لا أدري من أين تأتيه الجرأة للحديث عن الإيمان، وهو يناصر شخصاً سفيهاً ويسمح له بالتحكم برقاب الناس!
وكيف يتحدث عن العدالة وهو يستمع إلى طرف واحد دون الآخر!
المهم، كما قلت لكم في البداية، ابتعدوا عن «الذين يقولون ما لا يفعلون»، ولا تنتظروا منهم مناصرة مظلوم أو مقارعة ظالم.
إذا مسّكم ظلم، فتذكروا أن هناك من هو أقوى وأعظم وأعدل من كل المخلوقات، وهو الله سبحانه وتعالى، ناصر المستضعفين، ونكال الظالمين.
* نقلا عن : لا ميديا