كلنا نعاني من هذه الأزمة الخانقة في المشتقات النفطية، وكلنا نتعب ونُرهَق ونُجهَد حتى ينخر العياء أجسادنا وأرواحنا، لا يوجد أحد أحسن من أحد.
أقسم لكم إن الأزمة أتعبتني يا جماعة، لكن الذي أتعبني وأرهقني أكثر من الأزمة هو مكافحة المحرضين والمبقبقين، الذين يحاولون استغلال معاناة الناس بحرف بوصلة العداء عن الاتجاه الصحيح.
بعض هذه الأبواق تقول إن «الحوثيين» يصنعون هذه الأزمة عن قصد، وذلك بغرض تعذيب المواطنين وخنقهم وتشديد معاناتهم.
طبعاً هذا يسمى استغباء واستحماراً واستخفافاً بعقول الناس، فما المصلحة التي سيجنيها «أنصار الله» من تأليب المواطنين ضدهم في صنعاء وغيرها من المحافظات الحرة؟
لا يوجد عاقل يمكن أن يقتنع بهذا الكلام، ثم إن «أنصار الله» معظمهم مواطنون من الشعب نفسه، وكلنا نعرف ذلك، فلماذا سيختلقون الأزمة ويسببون لأنفسهم هذه المعاناة؟
أما الأهم يا فلاسفة الزمان، أن «أنصار الله» ليسوا سلطة مطلقة تتحكم بكل شيء، فحكومة الإنقاذ مشكلة من جميع المكونات الوطنية ويشمل ذلك المؤتمر الشعبي العام وحزب الحق وغيرهما من الأحزاب المناهضة للعدوان.
البعض من المحرضين يقول إن «أنصار الله» يتقطعون لقواطر البترول القادمة عبر محافظة الجوف، ويمنعون وصولها إلى صنعاء.
هذه أكاذيب لا أساس لها من الصحة، فالقواطر محتجزة في المناطق التي تحت سيطرة مرتزقة العدوان، وتحديداً في منطقة «حويشيان» بين الجوف والرويك.
المرتزقة يمنعون عبور قواطر البترول من منافذهم، ويطلبون مبالغ خيالية مقابل السماح لها بالمرور، أي أنهم يريدون أن يكون سعر الدبة رسمياً في المحطة كسعرها في السوق السوداء حالياً، وهذا ما لن يقبل به شخص عاقل.
أما بعض الأبواق فوقاحتها عجيبة.. تسمعه يشكي ويبكي متسائلاً: ليش يا «حوثيين» تتقطعوا للبترول في سفيان؟!
إذا رأيتم شخصاً يقول هذا الكلام فاقبضوا عليه وسلموه فوراً لأقرب مركز شرطة، لكي يُحاسب بتهمة تهريب المشتقات النفطية لأصحاب السوق السوداء.
فالنقاط الأمنية في منطقة سفيان بعمران توقف المهربين القادمين عبر محافظة الجوف فقط، وهذا واجبها الطبيعي أمام المحتكرين والمستفيدين من هذه الأزمة.
تلك عصابات تهريب لديها «شاصات» وليس قواطر رسمية، تأتي بالبترول من مناطق سيطرة المرتزقة عبر الجوف وسفيان لتزويد السوق السوداء بأسعار مرتفعة وتأليب المجتمع ضد حكومة الإنقاذ.
وأنا متأكد من أن تلك العصابات لديها ارتباط وثيق بتحالف العدوان، حيث يصنع الأزمة ثم يستغلها عبر هذه العصابات برفع الأسعار في السوق السوداء، والترويج أن «أنصار الله» خلف ذلك.
يا جماعة أنا واحد محسوب على «الحوثيين»، وأقسم لكم إنني متضرر مثلكم تماماً، ليس لدي بترول ولا ثروة أصرفها على أصحاب الموترات، ويومياً أقطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام، لدرجة أنني أشك في بعض الأحيان بأن قدمَيَّ سترفعان عليَّ شكوى في المحكمة.
هذا حالنا جميعاً، لكن مهما بلغت المعاناة واشتد الحصار وضاق الخناق علينا، يجب ألا نسمح بحرف بوصلة العداء عن الاتجاه الصحيح.
يجب أن نكون مدركين أن العدو الأساسي والوحيد هو تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، الذي يحتجز سفن المشتقات النفطية في ميناء الحديدة، رغم تفتيشها وحصولها على التصريحات اللازمة، ويتقطع للقواطر القادمة عبر محافظة الجوف، وذلك في سبيل إركاعنا وإخضاعنا.
فليرفع تحالف الشر حصاره عن ميناء الحديدة.. وحينها أنا أول من سيحمل «حكومة الإنقاذ وشركة النفط» مسؤولية أي أزمة بترول تحدث.
* نقلا عن : لا ميديا