إن من يمارس القرصنة يصعب عليه تركها، نظراً لما تدره من أموال ضخمة. وفيما يخص القرصنة على سفن الوقود القادمة إلى ميناء الحديدة فإن الموضوع مختلف عن بقية أعمال القرصنة في مناطق بحرية أخرى، حيث لا يقتصر الأمر على فئة واحدة من القراصنة، بل هناك أكثر من فئة.
أول فئة من القراصنة التي يدفع لها التاجر اليمني هي المجموعة اللصوصية المسماة “اللجنة الاقتصادية العليا” برئاسة حافظ “معراد” بعدة حجج، منها مثلاً 40 ألف دولار لشركة مطابقة المواصفات، مع أن هذه المهمة هي مهمة الشركة في صنعاء أو حتى في عدن. يلي ذلك المبالغ التي يدفعها التاجر للقراصنة حسب المستوى، ويبدأ الأمر بأتفه القراصنة وهي ما تسمى “الشرعية”، ويمثلهم جلال عبد ربه الذي يأخذ حقه المليون الدولار على كل سفينة “ويسدوا”.
ثم بعد اقتياد السفينة إلى أمام سواحل جيزان يبرز ضباط سعوديون ليبتزوا التاجر بمبالغ أكبر، وعندما ينتهي التاجر من إسكاتهم يظهر الضباط الأمريكيون ويستلمون مبالغ كبيرة، وكله بالدولار طبعاً، وبعد كل هذا يبدأ التفاوض مع تحالف العدوان على إطلاق السفينة.
وطبعاً، تكون كل طلبات تحالف العدوان مقابل إطلاق السفن هي طلبات عسكرية، مثل التوقف عن تحرير مأرب، وقف التقدم في معارك ما وراء الحدود... وما إلى ذلك، ولهذا يتم احتجاز كل السفن، فهذه القرصنة تحقق للعدوان وأدواته عدة أهداف، أهمها إثقال كاهل المواطن، والابتزاز، والمقايضة بقضايا عسكرية. وفي ظل الهدنة تحقق عمليات القرصنة للعدوان الهدفين الأول والثاني دون المقايضة بأمور عسكرية.
ذات مرة قلت لأحدهم: ليش الدفع والخسارة إن كان الموضوع في النهاية لن ينتج عنه إطلاق السفينة؟! يجب ترك الموضوع للتفاوض بدون أي خسارة ما دامت النتيجة واحدة!
فقال لي: يا أخي الدفع يترتب عليه فترة الاحتجاز، هذا سنة وهذا ستة أشهر... وهكذا. كما أن التاجر مجبر على الدفع غصباً عنه. وطبعاً، كل ما يتم دفعه يتجرعه المواطن بإضافته إلى التكاليف.
المهم بلعت كلامه على مضض، لكن بأمانة ما بيخارجوهم إلا قواتنا الصاروخية وطيراننا المسير، ولهذا تمنيت من هؤلاء التجار أن يتبرعوا طوعا لقواتنا الصاروخية وطيراننا المسير ولو بـ10% مما يدفعونه غصباً للقراصنة.
عموماً، عملية احتجاز السفينة أثناء الهدنة كانت للابتزاز ثم لتحميل المواطن غرامات التأخير. وأعتقد أن العدوان سيستمر على هذا المنوال، بحيث يحتجز سفناً جديدة ويطلق سفناً سابقة، فإن تكرر ذلك فستكون فرصة ذهبية لتجربة أسلحتنا البحرية، فلدينا طوربيدات قادرة على إغراق البوارج التي تمارس أعمال القرصنة بحق سفن المشتقات النفطية، وأخشى ألا تتسنى لنا فرصة أخرى لتجربتها.
* نقلا عن : لا ميديا