واشنطن تحذّرنا من فشل المفاوضات، يهددوننا بما نتمناه، فالهدنة في بدايتها كانت شراً لا بد منه، واستفدنا منها بفضل الله عز وجل، واستثمرناها بالشكل الأفضل، حيث لم تألُ قيادتنا جهدا في المضي قدما نحو تحقيق إنجازات غير مسبوقة في التصنيع الحربي، حتى بات لدينا مخزون استراتيجي من أسلحة الردع، فتجاوزنا المسافات والأزمنة وتلافينا العوائق والاختلالات السابقة.
وإذا كانت أسلحتنا السابقة جعلت العدو يهرول نحو الهدنة ويستجدي تمديدها، فلكم أن تتخيلوا ما الذي يمكن أن تفعله منظومة الأسلحة السابقة واللاحقة، لاسيما في ظل التصنيع المستمر بخطوط إنتاجية متكاملة، وبالذات بعد التحديثات الأخيرة والتي من شأنها تفادي كل منظومات الدفاعات الجوية التي كانت تعترض صواريخنا البالستية والمجنحة الموجهة للكيان الصهيوني إلى أن تمكنا بفضل الله من اختراق القبة الحديدية الصهيونية بل والقبب الحديدية الأخرى (البوارج وغيرها من أنظمة الدفاعات الجوية التي كانت تعمل كقبب حديدية اخرى إلى جانب الصهيونية)...؟! هناك سيناريو مرعب ينتظركم.
أما مفاوضات ويمر عام كامل منذ انتهاء الهدنة ولم نحقق أي تقدم يذكر في أي ملف، رغم أن المفاوضات ما زالت تقتصر على الملفات الإنسانية التي يجب أن تحل بأسرع وقت ممكن، فهذا يرفضه الشعب وترفضه القيادة ويستحيل أن يستمر.
وأن تسعى أمريكا إلى إفشال المفاوضات فهذا من دواعي سرورنا؛ ليس لأننا نرفض السلام، وإنما لأننا لم نرَ أي بوادر إيجابية في حسم المفاوضات وهي بشأن هدنة، فكيف سيكون الأمر في مفاوضات عامة للوصول إلى الحل الشامل والسلام الدائم؟!
يعيقون مفاوضات تبادل الأسرى، فما الذي سيفعلونه عندما ستكون المفاوضات حول إخراج اليمن من البندين السابع والعاشر؟! وكم من الوقت سنحتاج للتفاوض بشأن إخراج القوات الأجنبية وإعادة الإعمار ودفع التعويضات، وما إلى ذلك من الأمور المصيرية؟! ما تهددونا به هو في الحقيقة يفزع السعودية ولا يفزعنا.
أرجو من وفدنا الوطني التحرك؛ لأن الشعب ضاق، ومراوغة العدو السعودي ومماطلته يؤلمنا جدا، لاسيما في ظل احتدام العدوان بأشكاله الأخرى غير العسكرية. صحيح توقفت الغارات؛ لكن الحرب الاقتصادية والتجويع والإفقار وتجفيف الموارد المالية زادت حدة، بما فيها كل كوارث الداخل المدعومة من العدوان وتلويث البيئة وتحريك العصابات والخلايا الداخلية.
فلتفشل المفاوضات، فمتى كانت ناجحة حتى في تحقيق أبسط المتطلبات المشروعة؟!
إفشال المفاوضات سيجعلنا نحرر أرضنا وننتزع كل حقوقنا، أي أنه سيكون طوق نجاة ومخرجاً من كل ما نحن فيه، ولو لم يكن الأمر كذلك لما استنجدت السعودية وتوسطت بكل الأصدقاء، بل والمحايدين، لتمديد الهدنة.
مشاهد ارامكو وهي تحترق لأسابيع مازالت عالقة في أذهان بني سعود، والقادم سيجعلهم يعتبرون ما سبق مجرد نزهة بالمقارنة بالكوارث التي ستحل عليهم.
* نقلا عن : لا ميديا