أشهد للإخوة الفلسطينيين بأنهم نجحوا تماما في إيصال مظلوميتهم إلى كل شعوب العالم وليس لحكامها فقط، فهناك شغل إعلامي احترافي والجميل فيه أنه ينقل الحقيقة ولا شيء غيرها، منذ اللحظة الأولى إلى آخر لحظة وبمواكبة على مدار الساعة ولكل حدث.
فرق متخصصة بنقل المجازر والانتهاكات والجرائم الصهيونية بحق المدنيين، وفرق متخصصة بنقل ونشر انتصارات المقاومة الفلسطينية، وأخرى متخصصة بنقل مشاركات المحور، وفرق متخصصة في تحليل وتقدير الموقف، ومعارض دولية، وتحركات جماهيرية في كل دول العالم.
نجحوا في لفت انتباه العالم لكل حدث يحصل في الأرض المقدسة.. لله دركم يا شعب الجبارين.
نحن منذ تسعة أعوام نتعرض لأبشع عدوان كوني عرفته البشرية، وما حدث في اليمن لم يحدث في أي زمان ومكان، باغتونا ووضعنا العسكري والمادي والاقتصادي تحت الصفر بعد جملة من إجراءات التدمير الممنهج للجيش والدفاعات الجوية وللجانب المالي والاقتصادي.
تكتلوا وتكالبوا علينا بشكل شيطاني خبيث لدرجة أن حتى خصوم أمريكا وقفوا ضدنا لإرضاء السعودية، نظراً لمصالحهم مثل روسيا والصين ومواقفهما السابقة السياسية والعسكرية كانت مخزية وموجعة جدا.
تعرضنا لأكثر من نصف مليون غارة جوية أي أكثر مما تم استخدامه في الحربين العالميتين الأولى والثانية.. قصفوا كل شيء جميل في كل ربوع اليمن.
إحصائيات أعداد المستشفيات والطرقات والمدارس والمصانع والمنشآت الحكومية، بل والمساجد التي قصفها العدوان مذهلة.. الأرقام الحقيقية للشهداء من المدنيين الذين كان أغلبهم من الأطفال والنساء مرعبة.. أعداد النازحين بالملايين، والجرحى كذلك أعدادهم تفوق أعداد جرحى اليمن في كل الحروب منذ الاحتلال العثماني.
ما حدث في اليمن لا يتصوره الخيال.. أشكال وأنواع العدوان الذي تعرضنا له لم يسبق أن اجتمعت في أي عدوان سابق على أي دولة، حرب عسكرية بشعة بكل المقاييس واستخدام أسلحة محرمة دوليا، حرب بيولوجية أدت إلى ارتفاع نسبة أمراض السرطان وتشوه الأجنة بنسبة 1000%، حرب اقتصادية وقطع مرتبات منذ أكتوبر 2016، حرب مجتمعية من ترويج مخدرات ونشر عصابات وما إلى ذلك، حرب نفسية بكل وسائلها، استهداف لجميع البنى التحتية الهشة والمتهالكة أساسا، نهب ثروات بكل أشكالها (نفط، غاز، ذهب، معادن، ثروة سمكية)، وكل ما يستطيعون نهبه بما في ذلك الآثار، احتلال منافذنا البحرية وموانئنا وأهم مواقعنا الجغرافية الهامة، وغيرها الكثير مما لا يتسع هذا الحيز لسرده.
وفي المقابل، إذا سألنا أي مواطن عربي: ما الذي حدث في اليمن؟ سيجيب بأن "هناك مجموعة قامت بانقلاب على الحكومة الشرعية، وحدث تكتل عربي لإعادة الرئيس والحكومة الشرعية"، وإن كان من سألناه لديه قليل من الاطلاع فربما يذكر بعض الانتهاكات.
مثلا لا حصرا، هل تعلم شعوب العالم أن تحالف العدوان الكوني على اليمن قصف مجالس عزاء وأسواقا شعبية وحافلات تحمل أطفالا أثناء رحلات مدرسية و.. و.. و..؟
حتى على مستوى الانتصارات، شكلت البطولات والانتصارات النوعية التي سطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية أحدث وأكبر وأهم أكاديمية عسكرية على مستوى العالم، وكانوا بكل المقاييس أنموذجا يحتذى به في الصمود الشعبي وفي الانتصارات وفي الشجاعة والإقدام، وفي تنكيس راية تحالف الشر والظلام العالمي وفي رفض الهيمنة والاستكبار.
واجه اليمن الجحيم بعنفوان وإباء وشموخ منقطع النظير، لكن منذ اغتيال عمودي الإعلام وحقوق الإنسان (صلاح العزي ووسام القاولي) انحرف المسار الإعلامي والحقوقي بنسبة 180درجة، وتحول إلى مسار خادم للعدوان وفي أفضل الأحوال مهادن.
حتى موقف اليمن من القضية الفلسطينية ومشاركاتها ضد الكيان الصهيوني تحدث الإعلام الخارجي عنها أكثر مما تحدث عنه ونشره إعلامنا المحلي.. الموضوع ليس سببه الغباء، بل الأدوات هي الغبية، لكن الموجه في قمة الذكاء.
من فعلوا ذلك سواء كانوا أدوات أم موجهين تبدلت أحوالهم بنفس نسبة التبدل والتغير في المسار وكان ذلك واضحا وجليا من انتفاخ أوجانهم، وبروز مؤخراتهم، وتضخم كروشهم، ونعومة ولمعان بشرتهم.
عموما، لن يستمر الوضع في فلسطين وستتوقف كل الاعتداءات الهمجية الصهيونية لسبب بسيط وهو أن شعوب العالم تكاد تنقض على حكامها مما اضطر بعضهم لاتخاذ مواقف شكلية كما فعل أردوغان وكما فعل "الهلافيت" من الحكام، ولكن هناك حسما سيتم ولن تستمر المواقف الصورية، وذلك ليس بسبب النجاح الإعلامي فقط، وإنما أيضاً الانتصار العسكري الذي حققه الأبطال، وأثبتوا للعالم أن الجيش الذي لا يقهر كما روجوا له منذ عقود هو جيش منبطح لكيان هش وما تسمى "القبة الحديدة" أكبر أكذوبة، ودولة الكيان الكبرى المزعومة لن تتحقق إلا في أحلامه.
لله دركم يا شعب الجبابرة، وقاتل الله كل مرتزق وعميل وخائن وفاشل وفاسد وكل من تسببوا بهذا الوضع المزري، وكل الشكر والتقدير لوسائل الإعلام غير الرسمية التي أدت دورا إعلاميا رائعا وعظيما؛ وعلى رأسها كصحف صحيفة "لا"، وقنوات مثل "الساحات" و"المسيرة" وبعض الإذاعات المحلية والمواقع الإخبارية الإلكترونية.
ملحوظة: تفاصيل الفشل الإعلامي المتعمد مرعبة جدا، ولكم أن تتخيلوا أن هناك حوالات شهرية عبر بنك التضامن من خارج اليمن تصل إلى نافذين كبار في الدولة مقابل احتكارهم نشر أخبار ومقاطع وأحداث يمنية، وأحياناً مقابل الصمت إعلامياً وعدم نشر موضوع معين.. وهذه قطرة من بحر أغرقنا فيه المدسوسون ومن خانوا العهود وانحرفوا عن المسار.
مقترح: يجب أن يكون وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ هو نفسه رئيس الهيئة الإعلامية، ورئيس المركز الإعلامي للمجلس السياسي الأعلى والمشرف والمسؤول الأول عن الجانب الإعلامي، وهكذا في ما يخص بقية الجوانب المالية والاقتصادية والثقافية والخدمية، ويكفينا ضربات قاصمة وطعنات في الظهر من بعض النافذين في حكومة الظل.
* نقلا عن : لا ميديا