يعلم الكثير من الناس أن ثمة دافعاً ما يجعل القلب يتأمل قبل أن تتحدث النفس ويجعل اللسان يتكلم قبل أن يكتب القلم، ولمن يعرف أَو لا يعرف قدر شخصية الصماد القيادية الفذة التي فاضت عشقاً ووداً لهذا الوطن ولأبنائه كان من الطبيعي لكل مدرك لحجم وثقل تلك الشخصية أن يتحدث إن لم يكتب ويُشير بالبنان إن لم يتحدث ويتأمل إن لم يشر إلى مناقبه وتحَرّكاته وجهاده ضد الباطل وتعامله الاستثنائي مع الآخرين.
الرئيس الشهيد صالح الصماد كان نفحةً قرآنية وَشعلةً من القيم والأخلاق وثورةً من الصمود والنضال وعزيمة لا تلين ونشاطاً وتحَرّكاً لا يتوقف وإقداماً لا يعرف التردّد طريقاً إليه، مبادرٌ ومصلح لحلِّ المعضلات والخلافات في المجتمع، بذل الدم والجوارح والروح؛ مِن أجلِ عزة وكرامة وسيادة واستقلال الوطن، كان هامة وطنية شامخة تتمتع بثقة مطلقة بالله وطمأنينة في الذات بأن ثمة قضية عادلة ومبدأ عظيم تستحق أن تبذل مِن أجلِها الحياة وأن تقدم النفس رخيصة في سبيل الله وفي سبيل أن يحيا الشعب اليمني الكريم حراً عزيزاً بعيدًا عن وصاية الدول الأجنبية الطامعة في ثروات وخيرات اليمن والساعية لسلب القرار الوطني المنتهكة لسيادته وكرامته.
رأيناه مجاهداً وسمعناه مؤمناً صادقاً جاداً مخلصاً حكيماً حليماً شجاعاً ذا رأي ثاقب، أدركناه عقلاً راجحاً يعرف تماماً حجم المسؤولية الدينية والوطنية الملقاة على عاتقه، ازددنا يقيناً بأن الشهيد الصماد كان منبراً حراً مناهضاً لمحور الشر والطغيان والطاغوت وحصناً منيعاً تحطمت عليه مؤامرات الكفر والعدوان، امتلأت قلوبنا اطمئناناً وسكينةً حين رأيناه مبارزاً عسكريًّا صلباً وترسانة إعلامية وثقافية لا تقهر، سمعناه لساناً رطباً بذكر الله يلهج ذكراً ويقول درراً ويضوعُ مسكاً ويتنفس حرية.
شعرنا بالشموخ والعزة حين شاهُدناه متكلماً بليغاً فصيحاً عالماً بكتاب الله ومهتماً ومتعمقاً في مضامينه ودلالاته، بالفخر والعظمة حين أدركنا حضوره متميزاً ومؤثراً في ساحات القتال، أذهل الصديق والعدوّ وقد رأينا فيه رباطة الجأش وعلو الهمة ورحابة الصدر ورجاحة العقل وقوة الحجّـة والمنطق، تجاوزنا القلق وشعرنا بالقوة والشجاعة وابتعد منا الخوف ونفر الجبن حين رأيناه فارساً يصول ويجول في السهل والجبل في البحر والصحراء مع المجاهدين والمرابطين الذين قهروا طغاة العالم الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.
لامسنا علواً ورفعة وكبرياء ونحن نراه قيماً وفضائلَ وجدناها ولمسناها في رجلٍ يندر أن يأتي الزمان بمثله وأصبحنا نفاخر ونباهي به الملوك والقادة المنافقين المستكبرين الذين اغتالوه ظناً منهم أنهم سيكسرون إرادَة شعب أَو يهزمون ثبات مبدأ أَو ينالون من عدالة قضية، شعب استلهم السلوك المحمدي الملائكي الطاهر من رئيسٍ استثنائي قلّ أن يوجد له نظير في هذا العالم وقد حفر في قلوب شعبه حب وعشق هذه الأرض الطيبة وولاء صادقاً لدين الله وللوطن وتمسكاً واعتصاماً بحبل الله المتين.
رحمك الله أيها الرئيس الشهيد يا من تركت فينا أثراً لا يمحى وبصمةً محفورةً خالدة في ذاكرة التاريخ ورسماً لن يتبدل أَو يتغير وطيفاً باقياً على أطلال صوتك الخالد الرنان وحديثك القرآني الذي لا يُمل ومُحياك المضيء وطلعتك البهيّة، فرضوان الله عليك يا من تركت دنيا فانية ومتاعاً زائلاً وجاهاً لا يساوي موقفاً بطولياً أمام شرٍ محدق وظلمٍ جائر وطاغوتٍ متسلط.
فسلام الله عليك يا من صدقت مع الله ورسوله فنصرت دين الله وانتصرت للدين وَللقيم وللحق المبين، يا من أحببت السلام ودعوت إلى السلام فاغتالتك أيادي أدعياء السلام، يا من كنت أمين هذه الأُمَّــة ومجدها وَفخر الأجيال المتعاقبة التي ستقرأ عنك عبقرية الانتصار وعنوان الثورة ورمز الحرية وشعار السيادة والاستقلال، فهنيئاً لأهل السماء بمقدمك إليهم وقد حزت أعلى مقاماً وأعظم شأناً ومنزلة وقد رأيناك أسداً هصوراً، رأت فيك جميع الزعامات والشعوب الجهاد الأعظم وسمعت منك كلماتُ حقٍ أمام سلاطين الظلم والجور والطغيان، فنم قرير العين أيها السيف اليماني، يا من اهتزت بجهادك وثقافتك القرآنية عروش الطغاة فتحطمت أحلامهم ومؤامراتهم أمام بأس وقوة أنصار الله ورسوله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.