لم يكن الموقف تجاه الوحدة اليمنية جديدًا أَو معلناً للمرة الأولى ذلك الذي صدرته صنعاء من خلال خطاب الرئيس مهدي المشاط، بمناسبة الذكرى، بل إن ما جاء في الخطاب تأكيد مضاف إلى رؤية عميقة استبقت الأحداث، وتتابعت بعدها الشواهد المبرهنة على صوابيتها، وكذلك المواقف السياسية الواضحة والصريحة التي لا تزال تنتصر للوحدة في أعمق مدلولاتها وَقيمها.
ومن يعيد اليوم القراءة المتأنية لمواقف الشهيد المؤسّس حسين بدر الدين الحوثي، تجاه ما حدث للوحدة قبل حرب صيف ٩٤ وَبعدها، سيجد كم كان حريصاً أن لا يعتري مسارها أي ظلم أَو تجيير أَو استئثار، ناضل الشهيد منفرداً في ذلك الوقت للحفاظ على الوحدة كقيمة دينية ووطنية، وَتعرض على إثر ذلك الموقف للاتّهامات بدعم الانفصال، قبل أن يناله كُـلّ أشكال الاستهداف وتتوالى عليه وعلى صعدة الحروب الظالمة.
عاثت المنظومة الفاسدة إجراماً وَعبثاً بطول البلاد وعرضها، وَتقاسم عصبة المنتصرون غنائم الحروب جنوباً وشمالاً، بعد أن صادروا أفراح الشعب وأحلامه المعلقة بوحدته الوطنية، وأحالوا ذكراها وَواقعها إلى يوم مشؤوم وَمسلسل مستمر من الظلم والمعاناة، وجاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لتنتصر للشعب وَمظلوميته شمالاً وَجنوباً، وَتجرف بعصابة حرب الجنوب وحروب صعدة خارج المستقبل.
لم يستوعب الخارج وأدواته حجم المتغيرات في الواقع اليمني بعد الثورة، فشنوا عدوانهم بغية وأد الغضب الشعبي وإطفاء مشعل الثورة، ومارسوا ولا يزالون كُـلّ أساليب التغرير للشعب وَالتدوير للأسماء والشخوص، وما “مجلس العار” إلَّا أحد قوالب المؤامرة القديمة الجديدة، وَنسخة محدثة من عصابة الإجرام التي حين لفظها الشعب ذهبت لتستقوي عليه بخارج عدائي مستميت في مشاريعه التمزيقية للوحدة وَاليمن عُمُـومًا.
وفي أتون هذه المخطّطات يجاهد الأنصار وَمعهم كُـلّ القوى الوطنية والشعب للانتصار لتاريخ اليمن وَلدولة الجمهورية اليمنية ويتصدون لكل مشاريع التقسيم والتفتيت بوعي وَعزيمة، ولا يتحرجون في إعلان مواقفهم الواضحة وَالصريحة تجاه الوحدة، آخرها حزمة المواقف والمضامين الهامة التي حواها خطاب الرئيس المشاط في الذكرى الـ ٣٢، والتي أبرزت الوحدة كثابتٍ مملوكٍ لشعب عصيٍّ على الانكسار وحقاً لوطن لا يقبل التجزئة.
والرهان كان ولا يزال بعد الله على شعب لن تنطليَ عليه الخُدعةُ وهو يعرِفُ أنْ لا جديد في مجلس العار سوى تغيير الوجوه، وَإعادة الإنتاج لأدوات منتهية، أملاً بعودة الهيمنة والحديقة الخلفية التي أصبحت من الماضي.