عندما تتأمل إعلام حزب الخونج (الإصلاح) هذه الأيام، لا يمكن إلا أن تشعر باليأس من النحس الذي يلاحق هؤلاء القوم، فقمة النحس لأي شخص في العالم هي أن يقرر أن يبيع شرفه ومبادئه، ورغم هذا لا يجد من يشتريه، وإن اشتراه عامله بفضاضة كأي زوج سادي يتلذذ بتعذيب زوجته!
هم ممقوتون كمرض الجرب، وجميع الأطياف السياسية والتوجهات الفكرية تتحاشاهم، وأينما فكروا في مشروع فشل وخسر، وهذا ربما لأن قادتهم يفكرون دائما بطريقة فريدة، وعندما أقول “فريدة” فأنا لا أعني بطريقة إيجابية، ولكن أعني أنهم يختارون الطريقة الأسرع بعيدا عن أي محددات أخلاقية، ثم يصبغونها بطلاء ديني ليخدعوا الناس، ولكنهم ينسون رب الناس المطلع على السرائر وما تخفي القلوب، والمصيبة أنهم فيما بعد يندهشون لماذا ضربهم الله؟!
لطالما شعرت بالشفقة على أولئك الذين سلموا زمام عقولهم لقادة هذا الحزب. ولكني بعد مدة شعرت بالضجر من غبائهم؛ فكيف يمكن لإنسان أن يكون بهذه الدرجة من الغباء طوال هذه المدة؟! فطاعة القادة شيء، وأن تجد أن هذه الطاعة تنحدر بك بعيدا عن نهج الإسلام والعادات والأعراف شيء مختلف تماما. فمن هو الغبي الذي يمكن أن يصدق أنه لو أطاع الشيخ فلان فإن هذا سيخلي مسؤوليته الأخلاقية والدينية ويؤمّنه من غضب الله وسخطه، ويجعله يندم في الدنيا قبل الآخرة؟! وأين الخير من وجه الغراب؟!
الأمر -إذن- لا يتعلق بالدين، بل بالمال والملذات، والدين براء ممن يعاهدون ثم ينكثون عهودهم، وممن يخونون، وممن يقتلون ويسحلون الناس، وممن يأكلون المال الحرام، وممن يغدرون وينشرون الخوف في قلوب الآمنين، ومن عشرات التصرفات والأفعال التي لا يقبلها شرع ولا إنسانية. وكل هذا في جانب، وأن يصبغوا ما يقترفونه بصبغة دينية جانب آخر، فمما يجعل الأمر يستحق غضب الله أن نكذب على الله بأن هذا الذي نفعله من عند الله، أبعد كل هذا هل هناك من يعتقد أن هؤلاء يمكن أن يوفقوا في دنياهم أو آخرتهم؟!!
الدين ليس مجرد طقوس، بل الدين المعاملة أيضا، وهؤلاء لم يقيموا وزنا لشعوبهم ولا لبلادهم ولا حتى للبشرية، وكل ما يفعلونه هو لأجل شهواتهم، ولا يهمهم من أين يأتي هذا المال. يدعون أنهم مسلمون وهم لا يقتلون إلا المسلمين، ولا يمدون أيديهم إلا لمساعدة من يقتل المسلمين! بينما نجدهم يزحفون على بطونهم لإرضاء أعداء الدين والأمة، ولذلك حملوا السلاح وروعوا الناس لتبرير تدخل الأعداء وفقا لمخططاتهم، فلم يسلم من شرهم القاصي والداني، وبسببهم نرى المسلمين حول العالم ممقوتين ومستضعفين!
بعض قادتهم أدرك حقيقة الأمر فحمل ما خف وفرّ من المصير الأسود الذي ينتظرهم؛ فهم أدركوا أن ما يفعلونه سينقلب عليهم فيما بعد، وأن المشروع ليس مشروعهم، بل إنهم مجرد أدوات فيه. أما الأتباع فقد تم تأجيرهم للغير ليقتلوا أو يذهبوا في داهية، فبالنسبة لقادتهم فإن فناءهم خير من بقائهم وهم يسألونهم إلى أين يتجهون بهم؟! لقد انتهى مشروعهم، وما نراه من تساؤلات بلهاء في وسائل إعلامهم ما هو إلا تعبير عن مرارة الذل والفشل، وهي أسئلة رغم غبائها إلا أنها تعبير عن الضياع والتيه الذي يعيشونه. لقد انتهت اللعبة، ولم يبقَ في الساحة إلا الأشد غباء، ولا عزاء لكل من رهن حياته ومستقبله لأشر الناس طرا!
* نقلا عن : لا ميديا