في الجزء الثاني من مقال "عقود أربعة من المقاومة" نتطرّق الى عنوان: دور حزب الله الاقليمي (مواجهة الارهاب ـ دعم المقاومة الفلسطينية ـ طرف رئيسي في محور المقاومة)
بالاضافة الى موقف وموقع حزب الله الثابت والقوي بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي، والذي أثمر تحريرًا للبنان من هذا الاحتلال، يخوض حزب الله على الصعيد الاقليمي مواجهة أخرى تبدو مستقلة عن مواجهة العدو الاسرائيلي المباشرة التي خاضها قبل التحرير وبعده، وما زال يخوضها حاليًا بأوجه مختلفة. لكن هذه المواجهة على الصعيد الاقليمي ترتبط عمليًا وبشكل كامل ووثيق بمواجهته للعدو الصهيوني المباشرة، وتقوم على ثلاثة اتجاهات: مواجهة الارهاب أولًا، ودعم القضية الفلسطينية (أو عمليًا دعم المقاومة الفلسطينية) ثانيًا، والانخراط في محور المقاومة أو حلف القدس، في إطار الصراع الوجودي مع العدو الاسرائيلي وداعميه ثالثًا.
لناحية مواجهة الارهاب، معركة حزب الله في الاقليم بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، لم تكن عمليًا بعيدة عن المعركة ضد العدو الاسرائيلي، فقد كان للأخير دور أساسي في دعم المجموعات الارهابية مباشرة في الميدان السوري وبالتحديد في جنوبها وعلى المناطق الحدودية مع الكيان ومع الجولان المحتل، وبطريقة غير مباشرة عبر دعم عملية نقل الارهابيين من خارج سوريا الى داخلها وتسليحهم، وعبر الانخراط الكامل في الاستراتيجية الأميركية التي أدارت الحرب الكونية على سوريا. وكان لموقف حزب الله في هذه المعركة دور رئيسي في دعم الجيش العربي السوري للانتصار على الارهاب ودحره.
البعد الثاني لمعركة حزب الله في دعم الجيش العربي السوري، كان له الطابع الاستباقي في حماية لبنان، من خلال مواجهة الارهاب في سوريا حيث كان الخطر الأكبر والأكيد على لبنان فيما لو نجح الارهاب في التمدد من سوريا الى داخله، استنادًا للمشروع الواسع الذي خططت له واشنطن وعملت جاهدة على دعمه وتنفيذه. وهذا المشروع يجد في سوريا والعراق ولبنان، ميدانًا مشتركًا لمحاربة وكسر محور مواجهة "اسرائيل" أو محور المقاومة، وكان لحزب الله في هذه المواجهة، دور فاعل وأساسي في دحر هذا المشروع واسقاطه.
لناحية دعم القضية الفلسطينية، وعمليًا دعم المقاومة الفلسطينية، فلطالما رأى حزب الله أن قضية فلسطين والقدس هي القضية الأم، ومنها تنبثق كل القضايا الأخرى. وبالمقابل، كان دور حزب الله في دعم هذه القضية وفي اعتبارها على رأس أولوياته واهتماماته وتركيزه، نقطة الارتكاز الاساسية في معركة استهداف حزب الله من قبل خصومه: محليًا واقليميًا ودوليًا. وما يتعرض له حزب الله من ضغوط واستهدافات خارجية وداخلية، يعود وبنسبة غير بسيطة الى دعمه للمقاومة الفلسطينية.
عمليًا، يقوم دعم حزب الله للمقاومة الفلسطينية على ثلاثة اتجاهات:
أولًا: شكّل حزب الله للمقاومة في فلسطين نموذجًا ناجحًا، قام على الجرأة في مقاومة العدو رغم الفارق الكبير في القدرات. انتصار حزب الله على الاحتلال الاسرائيلي للبنان، شجع المقاومة الفلسطينية على خوض غمار هذه المهمة المقدسة، وها هي اليوم هذه المقاومة، تخوض مواجهة مشرِّفة وصادمة ومؤثرة ضد "اسرائيل".
ثانيًا: كان حزب الله أيضًا مساهمًا رئيسيًا في مساعدة المقاومة الفلسطينية على رفع مستوى قدراتها وامكانياتها التجهيزية والتدريبية، ولم يبخل عليها في دعمها بكل الوسائل لتثبيت هذه القدرات وتمكينها، لجهة ما وضعه بتصرفها من خبرات في ادارة وتنفيذ مناورة الأنفاق في غزة، والتي تشكل اليوم النقطة الرابحة الأقوى في معركتها بمواجهة العدو. كما أن حزب الله وضع بتصرف المقاومة الفلسطينية كل خبراته الفعالة والناجحة التي اكتسبها بمواجهة "اسرائيل" في أكثر من حرب ضدها، في تنظيم وادارة وتنفيذ مناورة الصواريخ، والتي استطاعت بفضلها المقاومة الفلسطينية اليوم، فرض معادلة ردع حاسمة بمواجهة العدو في الداخل الفلسطيني المحتل.
ثالثًا: على صعيد المواقف بمواجهة مشاريع العدو وداعميه في الإقليم والغرب، تستفيد المقاومة الفلسطينية اليوم بطريقة مباشرة وغير مباشرة من موقع حزب الله القوي في معادلة المواجهة ضد "اسرائيل". وقدرات حزب الله في الردع وفي الإمكانيات، تشكل ورقة قوية لمصلحة المقاومة الفلسطينية، قادرة على الاستفادة منها والاعتماد عليها لتقوية موقفها وموقعها السياسي والأمني والعسكري.
ويبقى دور حزب الله في البعد الاستراتيجي بمواجهة "اسرائيل"، أساسيا ورئيسيا في هذه الجبهة التي بقيت وحدها تقاتل الصهاينة المحتلين، بعد أن رضخت الأغلبية أو استسلمت أو تنازلت لأسباب وأسباب. واليوم، يشكل حزب الله، كطرف أساسي من أطراف محور المقاومة أو حلف القدس، عثرة أساسية في طريق العدو لا يمكن تجاوزها في معركة تثبيت الحق العربي والفلسطيني بمواجهة الصهاينة، وقد يكون وجوده ودوره وموقعه، هو العائق الوحيد أو الأصلب، أمام تمدد "اسرائيل" في محيطها، تطبيعًا أو اتقاقات جانبية مع دول وأطراف عربية.
وإذا كان هناك من أمل في إنهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وللأراضي العربية المحتلة في سوريا ولبنان، يمكن القول إن حزب الله هو من الأطراف الأساسية الفاعلة، والقادرة على أن تكون من الأكثر تاثيرًا في إنجاح مشروع إزالة "اسرائيل" من المنطقة.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري