أولئك الذين أغلقوا آذانهم أمام خطب وتوجيهات الإمام علي (ع) قبل 1400 عام؛ رغم اعترافهم به أميراً للمؤمنين وولياً لأمرهم، هم الذين أوصلوا الأمة إلى ما هي عليه اليوم من تيه وضلال وانحراف.
خطب الإمام علي لم تكن عاجزة، بل كانت -كما أكد الشهيد القائد- قادرة على أن تحول الرجال إلى كتل من الحديد، لكن المشكلة كانت في أولئك الذين لا يفتحون آذانهم، فجنوا على حاضر ومستقبل الأمة والدين.
يُقال إن التاريخ يعيد نفسه، وهذا يجعلني أقف متأملاً واقعنا اليوم أمام خطب ومحاضرات سيد الثورة حفيد الإمام علي (ع).
هذه الأيام يطل علينا قائد الثورة في سلسلة من الدروس المستمدة من عهد الإمام علي لمالك الأشتر، وهي دروس كفيلة ببناء أرقى حضارة في العالم، وخلق الأنموذج القرآني للمسؤول العادل والحريص على رعاياه في الواقع أصبحت حالتنا مزرية لدرجة أن المرء ينصدم ويتفاجأ إذا رأى مسؤولاً يحمل هموم الناس ويحس بمعاناتهم فعلاً، وكأنه رأى ملاكاً أو معجزة خارقة للطبيعة، برغم أن هذه أساسيات لا بد من توفرها في كل مسؤول.
إن ما يحرق القلب حقاً هو ممارسة الظلم والجور من قِبل مسؤولين متنكرين بقناع الدين والتقوى، وباسم الدين والمسيرة القرآنية.
أحدثكم عن مسؤولين يعشقون اعتلاء المنابر؛ بقدر عشقهم لممارسة الظلم والفساد وأكل حقوق رعاياهم، وفوق ذلك يرون أنفسهم من صفوة المجاهدين الخُلَّص، بل قادة ومرشدين لا غنى للمسيرة القرآنية عنهم.
يا جماعة ليس هناك مسؤول عاقل يلقي الخطب والمواعظ ليلاً ونهاراً، بينما يظلم موظفيه ويأكل رواتبهم أو رعاياتهم التي هي حق لأطفالهم وعوائلهم.
أي مسؤول فيه ذرة من الإيمان والإنسانية لن يأكل ريالاً واحداً باسم أحد الموظفين، فهذه تسمى “سرقة” مهما اخترعوا لها من مبررات ومسوغات واهية.
إن اعتلاء المنابر وإلقاء الكلمات الرنانة ليس كافياً لدخول الجنة والنجاة من النار، والأحرى بأي شخص في موقع المسؤولية أن ينصف المظلومين قبل أن يعظهم وينصحهم.
من الواضح أن هذه الحالة السيئة التي وصل إليها معظم مسؤولينا الموقرين، هي السبب الأهم وراء الدروس التي يلقيها علينا سيد الثورة هذه الأيام.
يقيم عليهم الحجة أمام الناس، ويعلمهم أسس العلاقة مع المجتمع من رحمة ولطف ومحبة للرعية، وحرص على إنصافهم حتى من النفس.
أخيراً، لا شك في أن هذه الدروس كفيلة بتصحيح وضع القائمين على مواقع المسؤولية ووضع المجتمع ككل، لكنني على يقين بأنهم سيجعلون أصابعهم في آذانهم، وسيمضون وكأن هذه المحاضرات لم تكن.
يريدون أن يجنوا على الأمة ويخذلوا علم الهدى.. كما فعل آباؤهم من قبل.
* نقلا عن : لا ميديا