لأول مرة منذ بدء العدوان يتم الإفراج عن أربع سفن مرة واحدة، حيث اعتمد العدوان سياسة التقطير، بحيث يستمر الاحتياج وتستمر حالة العوز، وبالتالي تستمر حاجتنا لتحالف العدوان لإدخال سفن النفط ومشتقاته، باعتباره شريان الحياة، ومن جهة أخرى لأول مرة أيضاً يتم التنسيق والتصريح لانطلاق ست رحلات جوية خلال أسبوعين.
الموضوع ليس صحوة ضمير أو ضغطا أمميا، وإنما تزامن مع انتهاء الهدنة، فالعدو يتوسل لتمديد الهدنة؛ لأنه في قمة احتياجه للسلام، فمن خلال الهدنة تتوقف المعارك البرية المرعبة للعدو، وأهمها معركة تحرير مأرب ومعارك ما وراء الحدود، كما أن الهدنة تتيح له الاستمرار في نهب ثرواتنا وكذا بناء القواعد العسكرية في جزرنا، بالإضافة إلى توقف عمليتي “كسر الحصار” و”إعصار اليمن”، وبالتالي ضمان تجنيب منشآته النفطية الدمار، لعدم قدرته على حمايتها وعدم قدرته على تحمل تبعات استهدافها في ظل الحرب الروسية ـ الأوكرانية، بالإضافة إلى توقف تفعيل القوات البحرية التي باتت قادرة بفضل الله عز وجل على استهداف وإغراق البوارج الحربية التي تحاصرنا.كما أن الهدنة توفر للعدو أيضاً فرصة لمزيد من استهدافه للمجتمع، من خلال ترويج المخدرات ودعم شبكات الدعارة وعصابات تجارة الأعضاء واختطاف الأطفال والخلايا الإرهابية... إلخ، وهي أيضا توفر للعدو فرصة لمزيد من الترتيبات الأمنية والتحصينات وترتيب صفوف جنودهم المرتزقة، وكذا ترتيب وضع ما تسمى بـ”حكومة الشرعية”. وتتيح الهدنة للعدو أيضاً مزيدا من خنقنا اقتصادياً ومالياً عبر الحرب الاقتصادية وسياستي التجويع وتجفيف الموارد المالية وإجراءات يقوم بها بعض المسؤولين في الداخل (بقصد أو بدون قصد) وهي تخدم العدوان، وكل ما يؤدي إلى حدوث الانفجار المجتمعي، عبر تضييق الخناق على الشعب مالياً ونفسياً.
استغلوا الفرصة ولا تقعوا في الفخ مرتين. صححوا الأوضاع الداخلية بالقدر الممكن والمستطاع، وافرضوا إلى جانب فتح المطار والميناء بشكل كلي وتبادل الأسرى شروطا جديدة للتمديد، وأهمها التعافي الاقتصادي بكل جزئياته: الإيرادات، صرف المرتبات السابقة وضمان انتظام صرفها، العملة، السياسة النقدية... إلخ.
ومن الضروري أيضاً إضافة نقطة هامة تقول بوضوح تام: إن أي اختراقات للهدنة أو عدم تنفيذ بنودها يلغي هذه الهدنة. كما يجب عدم إطالة فترة التمديد، إن تم، لأكثر من شهرين، فإطالتها تميع القضية؛ لأن الهدف من القبول بالهدنة هو حل القضايا الإنسانية التي يعول عليها العدو لحدوث التدمير والتآكل الداخلي ويستخدمها للمقايضة والمساومة في تحقيق مكاسب عسكرية وسياسية.
انتبهوا واستثمروا المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وجميعها بفضل الله عز وجل تصب في مصلحة قضيتنا العادلة.
ما لم فإن استئناف معركة التحرير أعز وأشرف وأجدى وأنفع من السلام الوهمي، وهذه المرة لن تطول المعركة، وسيهرول العدو نحو السلام العادل والمشرف بمجرد استئنافها تجنبا لمآلاتها المدمرة على دول تحالف العدوان وأسيادهم.
والله الموفق والمستعان.
* نقلا عن : لا ميديا