وصلت الرسالة بوضوح، وتتابعت ردات الأفعال لتظهر تأثير العرض العسكري المهيب «وعد الآخرة» على أعداء اليمن، فقد حظي العرض بنواح وبتغطية وسائل إعلام عبرية وأجنبية، فانطلقت لتنادي جميع رعاتها ليفعلوا شيئا في وجه صورة الغضب اليمني، وتلعثم مذيعو ومعلقو هذه القنوات والصحف وهم يبررون أسباب رعبهم، وعلى صوتهم وهم يتحدثون عن الأسلحة والجنود والعتاد، وحتى الاسم أرعبهم لما له من مدلولات يعرفونها جيدا؛ ولا لوم عليهم؛ فقد كان العرض مدهشا حقا.
غولدا مائير، رئيسة وزراء الكيان الصهيوني السابقة، عندما وقفت أمام خليج نعمة بسيناء، عام 1968، قالت: «إني أشم رائحة أجدادي في خيبر ويثرب»!
المؤامرات التي سبقت العدوان كانت تستطيع تدمير أي جيش حول العالم، فمن سرقة ما كان متوفرا من أسلحة مستوردة، إلى إعطاب البعض الآخر، وهيكلة الجيش بتواطؤ محلي وخارجي، واستهداف القطاعات النوعية بالاغتيالات أو التحييد، كل هذا جعلهم يعتقدون أن اليمن بات لقمة سائغة سهلة الابتلاع، وبالفعل فقد بدؤوا في تقاسم الكعكة فيما بينهم ليأخذ كل طرف حصته من ثروات اليمن!
ما لم يتوقعه الأعداء هو أن يتحرك اليمنيون مع قيادتهم بهذا التفاعل المثمر، فتغيرت عقيدة الجيش لمواجهة العدوان وتحرير البلد، واتجهت الطاقات نحو البناء من نقطة تحت الصفر لتصل إلى نتيجة مذهلة للصديق قبل العدو، وإلى استخدام استراتيجيات جديدة غيرت أسلوب المواجهة، ليس في اليمن فحسب، بل رأينا نتائجها في بلدان أخرى، كما حدث في فلسطين، وتوجهت دول أخرى للاهتمام بتصنيع أسلحة لم تكن تحظى بالاهتمام من قبل، مثل الطائرات المسيرة والقوة الصاروخية وطرق تسليح وتحرك قوات المشاة.
خيبات أمل الأعداء تعددت، فقد راهنوا على تدمير الجيش ففشلوا، وراهنوا على إضعاف المقاومة وها هي تتخطى تعادل القوة إلى أن أصبحت تهدد عواصم الدول المعتدية. وحتى رسائل التهديد التي كان يتفنن العدوان في إعلانها، تحولت إلى عويل واستنجاد بالدول التي حرضت على العدوان منذ البداية! وقد أثمر صمود الشعب اليمني حتى في الظروف عالميا؛ وها نحن نشاهد اليوم كيف تجرأت دول أخرى على مواجهة العربدة الأمريكية، وبدأ الحديث عن انتهاء حقبة القطب الأوحد، وانتهاء الهيمنة الأمريكية عسكريا واقتصاديا على العالم.
الأعداء فهموا الرسالة، لأن هذا العرض المرعب له جوانب أخرى؛ فهم يعرفون أن ما تم عرضه هو فقط ما تم التصريح به فقط، وأن ما خفي أعظم بالتأكيد. كما أن الوحدات الرمزية التي تخطت عشرات الآلاف لم تأتِ من جبهات القتال، بل إنها ما تم تجهيزه لتعزيز هذه الجبهات أكثر مما كانت عليه سابقا. كما أن نوعية الأسلحة التي تم عرضها تشير إلى تصعيد أكبر لخوض معارك لم يجربها الأعداء سابقا، وهي معارك ليست في صالح الأعداء، خاصة في الظروف الحرجة التي يمرون بها. ولذلك كان من الطبيعي أن نشاهد هذا العويل المدوي لأدواتهم الدبلوماسية!
في قادم الأيام من المتوقع أن نرى أعداء اليمن والبشرية وهم يجربون تكتيكات جديدة لمعرفة جدية القيادة والجيش اليمني. ونحن على ثقة أن النتائج ستصعقهم أكثر مما سببه العرض العسكري «وعد الآخرة»، فكل المؤشرات تدل على أننا تخطينا مرحلة الردع إلى مرحلة الثأر، وأن قادم الأيام سيكون مريرا لكل من يصر على الاعتداء على اليمن واليمنيين، والمرحلة القادمة ستؤدي إلى تحرير كل شبر من أراضينا، وستنهي عقودا من التسلط والنهب والاستضعاف لليمنيين. والعاقبة للمتقين.
* نقلا عن : لا ميديا