يعتقـد العدو أن استمرار المفاوضات السرية سينجيه من ضرباتنا لأطول أمداً ممكناً، بمعنى أننا سنقبل استمرار وضع الهدنة الصامتة ما دامت المفاوضات جارية مهما أطالوها، لذلك يستخدم أسلوب المماطلة والتسويف ويتخذ سياسة التقطير في ما يقدمه في المفاوضات غير المعلنة، وكل يوم يقدم جديدا، كما يقايض ملفات بأخرى، فمثلا يطلب ترحيل ملف الرواتب السابقة مقابل فتح وجهات جديدة لرحلات الطيران والقبول بأي خطوط جوية ترغب بالعمل من وإلى مطار صنعاء، أو يطلبون منا القبول بجمع تبرعات لتغطية المرتبات السابقة مقابل عدم احتجاز السفن بعد حصولها على التصريح، وذلك حتى لا يكون لنا يد ورأي وقول وشرط يمس الثروة المنهوبة، فيما موقف وفدنا الوطني ثابت ثبوت الجبال، وتلك الطلبات التي وافينا بها تحالف العدوان قبل انتهاء الهدنة هي نفسها شروطنا اليوم؛ لكنها لن تستمر كما هي.
الجدير بالذكر أن تلك السفينة اليونانية التي كان يفترض أن تصل يوم الثلاثاء 11 تشرين الأول/ أكتوبر إلى ميناء الشحر بحضرموت لنهب نفطنا خففت سرعتها مرتين، وبالتالي تأخر موعد وصولها إلى بعد أسبوع، وكأنها هي الأخرى تنتظر نتائج المفاوضات، رغم أن تصدير الثروة مرتبط بتوريد عائدات التصدير إلى البنك المركزي اليمني في صنعاء ومفاوضات خاصة جدا بشأن الثروة تتضمن رقابة التصدير.
ما ذكر أعلاه يعبر عن ويعكس جليا الوضع والحالة التي وصلنا إليها بفضل الله عز وجل، فبعد أن توعدوا باجتثاث الأنصار خلال أيام، وصرحوا مرارا وتكرارا برفض أي مفاوضات معهم، ها هم اليوم يتوسلون ويرجون عدم استئناف العمليات العسكرية، رغم أنهم تكتل عالمي. أما الأنصار فكانت بدايتهم من تحت الصفر، وأقول: «تحت الصفر»؛ نظراً لما أنتجه الماضي من ترسبات وتراكمات من الفشل والتدمير والخراب، التي كان يتوجب عليهم اجتثاثها ثم البدء من الصفر، ولو أن لدى تحالف العدوان أملاً ولو بنسبة 10% بمعاودة ضربنا واستهدافنا وقصفنا دون أن يتضرروا بقوة ما طلبوا الهدنة ولا وسطوا العالم لإقناعنا بتمديدها ولا حرصوا على استمرار التمديد، وهذا وحده يعتبر انتصاراً عظيماً، بل إنه معجزة من المعجزات، لاسيما في ظل تفرد الحالة اليمنية بما لم يسبق له مثيل.
لكن توقف الصواريخ والغارات لا يعني أن العدو لم يعد يؤذي الشعب اليمني، فالعدوان متعدد، وكروته المتبقية كثيرة، وسيضغط علينا بطرق أخرى غير عسكرية، منها مثلا الحرب الاقتصادية وسياسة التجويع واستهداف المجتمع بعدة وسائل وبما يؤدي إلى إفشال المرحلة إدارياً. المهم عنده هو عدم عودة المواجهات العسكرية؛ لكنه بقدر خبثه ولؤمه هناك شيء من الغباء، ولربما كان القدر والمكتوب.
فلو عرضنا تفاصيل كل ما يحدث والسيناريو القادم على أي شخص عاقل لكان قراره هو الاستجابة لشروط الأنصار، لاسيما كونها مطالب مشروعة، بل إنها أقل بكثير من حقوقنا التي سنطالب بها في المفاوضات النهائية دون أي تنازل، باعتبارها حقوقاً لا تسقط بالتقادم.
وأخيراً نقول لتحالف العدوان إننا ما زلنا نراعي الأيام الأولى التي تلت المولد النبوي الشريف، ولم تنطلق عملياتنا العسكرية فور انتهاء الهدنة لطرح الفرصة الأخيرة، كون القادم مرعباً بكل المقاييس، وأكثره رعبا سيكون المعركة البحرية والمفاجآت التي ستجعلكم تشعرون بأن الضربات السابقة عبارة عن نزهة أمام هول ما هو قادم.
والمفاوضات الحالية محددة بفترة زمنية. واللحظة التي سنعلن فيها انتهاء المفاوضات هي اللحظة التي ستبدأ مرحلة الوجع الأكبر وكسر العظم، والتراجع حينها سيكون صعبا جدا، والطلبات لن تكون نفسها إطلاقا ولا حتى ضعفها، وكلها ستكون مطالب مشروعة، وما كنا سنتدرج به في المطالبات سيأتيكم دفعة واحدة، وتخيلوا كيف سيكون وضعكم عندما تنفذونه بشكل كلي وأنتم صاغرون!!
ملاحظة: أعتقد أننا لن نبدأ بضرب عمق دول العدوان، وإنما باستئناف معركة تحرير الوطن، وستكون سهلة جدا أمام أبطالنا الذين لم يخلق الله مثلهم على وجه الأرض، والكل يعلم أن جيوش المرتزقة لا شيء بدون الغطاء الجوي المكثف، وأي غارة جوية من قبل العدوان هي التي ستؤدي إلى انطلاق «فلق» و«حاطم» و«قدس3» وبقية المشتاقين لإحراق المنشآت الحيوية السعودية والإماراتية وتدميرها عن بكرة أبيها، بالتوازي مع انطلاق إخوتهم المختصين بإغراق بوارج العدوان الحربية في البحر الأحمر والسفن في البحر العربي التي تنهب ثرواتنا.
* نقلا عن : لا ميديا