"بيت هايل" تآمروا على شركة كمران بالتعاون مع شركة بريطانية تحتكر بيع التبغ، وكبار تجار السجائر المهربة والمصنعة في "جبل علي" بالإمارات وبعض عملاء وفاسدي الداخل، وأوصلوها إلى مرحلة توقفت فيها المرتبات وأغلق المصنع وتوقف التصنيع وكادت شركة كمران أن تعلن إفلاسها.
وذات مرة جمعتني الصدفة بعدد من موظفي الشركة وشرحوا لي الوضع، فاشتعلتُ غضبا وكأنها شركتي الخاصة وليست شركة حكومية، واعتبرت من تعرضوا لقطع أرزاقهم هم أسرتي وإخوتي. تفاعلت مع الموضوع بشكل يفوق الحد الطبيعي بكثير، فالموضوع جمع أكثر من جانب: أولاً: الاقتصاد الوطني، وثانياً: أكثر من ألف موظف يعولون ألف أسرة، وثالثاً: فساد مالي جسيم فوق التصور والخيال يصل إلى عشرات المليارات.
فتوكلت على الله عز وجل وعقدت النية على ضرورة فضح هذا الشر في محاولة لتغيير الوضع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، واستعنت بالباري الكريم واشتغلت على الموضوع في عدة اتجاهات: الأول كان مع الجهات الرقابية ووافيتهم بأكثر من 500 وثيقة، بل وساهمت بشكل أو بآخر في إعداد وإنجاز التقارير الرقاببة، ومن ناحية أخرى أوصلت الموضوع إلى السيد القائد وإلى كثير من القيادات، كما أوصلته للمجلس السياسي الأعلى واللجنة الاقتصادية العليا.
ثم بدأت بكتابة سلسلة مقالات في صحيفة من أكثر الصحف اليمنية مبيعاً وانتشارا وأكثرها مهنية وحرفية، وهي صحيفة "لا"، سلسلة مكونة من ستة مقالات بعنوان "التبغ والكبريت.. حفنة رماد وأعقاب سجائر"، فكانت السلسلة سلاحاً فتاكاً ومرعباً لدرجة أن قيادة الشركة آنذاك سعت إلى شراء كل أعداد الصحيفة من المكتبات والأكشاك، وجمعها وحرقها، وهذا أسلوب الشخص المتورط والضعيف الذي لا حجة لديه، فتكون أقوى ردوده هي محاولة إخفاء ما نُشر وما كُتب عنه فقط ولا سبيل لديه للرد، لأنني أولاً كتبت بطريقة تصحيحية وليست تشويهية، وثانياً بمصداقية كاملة.
دخلت في صولات وجولات خطيرة بسبب الموضوع؛ لأن رؤوساً كبيرة كانت ضمن المتآمرين، وسقوط أحدهم كان سيسحب البقية خلفه، وكذا سقوط المنفذ سيجلب للمتآمرين تساؤلات كثيرة وسيضع عليهم علامة استفهام كبرى. وطرحت مصفوفة حلول، وأشرت على الموظفين المنكوبين، الذي كانوا قد بدؤوا ببيع أثاث منازلهم والبحث عن وظائف وأعمال أخرى، بجمع توقيعات ورفع شكوى إلى فخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى.
وبعد معركة شديدة جدا استمرت لشهرين، ولم يكن السلاح الوحيد فيها هو القلم، تواصل معي بعض القيادات وطلبوا مني إيقاف النشر، لأنه قد تم تغيير رئيس الشركة ولم يتبقَّ إلا صدور وإعلان القرار، فأجبتهم: "كما ولد سميناه"، وواصلت النشر إلى أن صدر قرار التغيير والإقالة، وهذا الموضوع مثل غيره تلقيت فيه اتصالات تستفسر عن طلباتي: "ما الذي تريده؟!"، لأنهم متعودون أن الانتقادات غالبا تصدر من شخص له مصلحة خاصة بالموضوع أو فقد مصلحة، وبالتالي تحول إلى منتقد أو مدفوع الأجر، لاسيما عندما يكون النقد موجهاً إلى شركة حجم الفساد فيها وصل إلى عشرات المليارات خلال عامين فقط، وبالذات عندما تمكنت الشركة من إسكات بعض الأفواه بشيء من وسخ الدنيا، واعتقدوا أن الكل غرضه الحصول على فتات من الكعكة التي تقاسمها الهوامير، ولم يتوقعوا أن هناك من سيخسر من جيبه الخاص ويتحمل كل الأذى من أجل الوطن.
كانت ولا تزال طلباتي في كل ما أشير إليه من أخطاء واختلالات وفساد وفشل وإهمال ومظالم هي التصحيح ولا شيء غير التصحيح.
ولا أكتب وأنشر وأتحرك إلا من منطلق وطني وولاء للسيد القائد ومحبة بالمسيرة، بل إنني لم يسبق أن تناولت أي موضوع شخصي إعلاميا حتى ولو بالتلميح مهما بلغ حجم الحرب التي أواجهها جراء مواجهة مافيا الفساد والخيانة والفشل.
وبالعودة إلى موضوع "كمران"، المؤامرة كانت كبيرة جدا والنتيجة المرجوة كانت بيع المصنع في الحديدة وكل ممتلكات الشركة من عقارات وكذا استثمار الأردن. بالتأكيد ذلك إلى جانب الاستحواذ على السوق المستهلكة لكمران، والمستفيدين والمتآمرين هم "بيت هايل" وشركة بريطانية وكبار تجار السجائر المهربة وأغلب أعضاء مجلس الإدارة، وبعض الأنجاس في الداخل، كما سبق ذكره في البداية.
اليوم، بدأت شركة كمران مرحلة النمو والتطور بعد أن تخلصت من أهم وأكبر مشاكلها واستعادت أنفاسها، وفي المقابل مصنع روثمان التابع لـ"بيت هايل" يمر بأزمة خانقة حاليا وتكاد سجائر روثمان أن تختفي من السوق، وأغلب مدخني روثمان استبدلوها بكمران، وسعر الباكت وصل إلى أكثر من ألفي ريال.
النتيجة هنا تذكرني بما فعله العدوان الكوني على اليمن وما يعانيه الغرب اليوم جراء الحرب الروسية، حيث باتوا يتجرعون كل ما تجرعناه من أزمات، في نتيجة لم تكن على البال ولا على الحسبان.
المهم، اقطبوا يا شركة كمران، شلوا نسبتكم من أرباح روثمان لأكثر من 15 عاما بنسبة 20% حسب الشراكة التي بينكم (رغم غموض الموضوع ومحاولة إخفاء أولياته) قبل أن يغلقوا المصنع ويعلنوا إفلاسهم، فـ"لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله". وعليكم أيضا إعادة دراسة خطة الإنتاج والتسويق بما يضمن التغطية الكاملة والاستمرارية، بل والتوسع، فأنتم الأجدر حاليا.
أما عن المهربين وداعميهم ومن شرعن لهم عملية التهريب بالتأكيد ستكون نهايتهم وخيمة إن لم يتعظوا من غيرهم من أصحاب الباطل، وعملية شرعنة تهريب السجائر من خلال استلام مبلغ 30 ألف ريال على كل كرتون "قاطع مقطوع مقاولة"، فهؤلاء لنا معهم حديث خاص جداً في القريب العاجل.
والله الموفق والمستعان... وللحديث بقية.
* نقلا عن : لا ميديا