صباح اليوم وفي خطوة كانت متوقعة رغم التحذيرات الواسعة والحساسة، اقتحم وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى بحراسةٍ مشددة من شرطة الاحتلال وحرس الحدود.
وحيث جاء الاقتحام ما قبل الأخير الذي نفذه ايتمار بن غفير للمسجد الأقصى قبل ثلاثة أشهر ونصف عشية رأس السنة العبرية، وكان حينها عضوًا في الكنيست، فإن اقتحامه اليوم وهو وزير للأمن القومي الداخلي رغم التحذيرات "الخادعة" من رئيس حكومته بنيامين نتنياهو (العراب الفعلي لهذا الاقتحام)، يحمل أبعادًا حساسة، ومن الطبيعي أنه ستكون لها تداعيات خطيرة.
بمطلق الأحوال، ومع أهمية الحدث من الناحية الدينية العقائدية بما يحمله من تحدٍ صارخٍ للعرب بشكل عام وللمسلمين بشكل خاص، فإنه لا يمكن وضع عملية الاقتحام فقط في خانة التهديدات السابقة لبن غفير ولأمثاله المعروفين بتشددهم صهيونيا، كما لا يمكن وضعها أيضًا من ضمن مسار الانتهاكات المتكررة دائمًا للمسجد الأقصى أو لباقي المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس أو في أغلب مناطق فلسطين المحتلة، بل يأتي توقيت هذا الاقتحام بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني مع رفيقه الشهيد ابو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، ليضيء على الارتباط الوثيق بين الحدثين من خلال الاشارة إلى ما يلي:
لا يمكن وضع عملية الاقتحام الدنيئة التي نفذها بن غفير إلا في خانة الخوف والضياع وليس بتاتًا في خانة العمل الاستفزازي الناتج عن وضع قوي مُسيطر.
السبب في هذا الخوف الإسرائيلي والمسارعة لتحقيق سبق أو موقف أو موقع متقدم في الصراع على القدس من خلال محاولة اثبات الوجود الجسدي في المسجد الأقصى بما يحضنه من مقدسات أو رموز، يعود إلى أن الصهاينة وعلى رأسهم متشددوهم، هم اليوم وأكثر من أي يوم مضى يلمسون رويدًا رويدًا تزايد امكانية هزيمتهم في مشروعهم التاريخي، واقتراب انتهاء احتلالهم لفلسطين المحتلة.
هذا الشعور لدى الصهاينة جاء طبعًا وليد تطور قدرات وامكانيات المقاومة بشكل عام وفصائلها الفلسطينية في الأراضي المحتلة بشكل خاص، ودور الشهيد سليماني قائد فيلق القدس أساسي في ما وصل اليه مستوى محور المقاومة بشكل عام، وفصائل المقاومة الفلسطينية بشكل خاص.
هذا الدور التاريخي للشهيد سليماني تم اثباته خلال مسيرة طويلة من العمل المضني والجهاد الصاخب، وكان النصيب الأكبر من نجاح هذه المسيرة لصالح تثبيت عناصر قوة المقاومة الفلسطينية، اذا كان مباشرا عبر دعمها بكافة الطرق في داخل فلسطين المحتلة، وفي مختلف ساحاتها عسكريًا وسياسيًا واعلاميًا وماليًا، أو اذا كان غير مباشر عبر إدارة عملية تطوير واسعة لقدرات محور المقاومة، والمعنية في الجانب الأكبر من مسيرتها، بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والضغط عليه، انطلاقًا من كافة جبهات هذه المواجهة من خارج فلسطين المحتلة.
وتأتي اليوم رسالة فصائل المقاومة الفلسطينية من داخل الأراضي المحتلة في ذكرى استشهاد اللواء سليماني لتؤكد قدسية هذا الدور التاريخي للشهيد في وضع الصهاينة على هذا المستوى من الخوف والضياع وعدم الثقة بامكانياتهم وفي طليعتها جيشهم، الذي يعيش مرحلة تخبط وضياع وفقدان توازن، ليس بسبب الفساد أو الانحطاط الاخلاقي الذي أصاب ضباطه وقادته فقط، وليس بسبب الانقسامات السياسية التي تعصف بتماسك قادته ومسؤوليه، بل بسبب الخوف مما وصل اليه مستوى المواجهة بينه وبين محور المقاومة بشكل عام من تقارب في القدرات والامكانيات والتأثيرات المختلفة.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري