«نحن نمتلك عقيدة الإسلام، التي ترشدنا إلى الطريق الصواب. ولأنّي أحب ولدي اخترت له ما هو أفضل من الحياة الدنيا، وليهنأ بسعادة الآخرة» (أم نضال فرحات، التي لفتت الأنظار بكونها أول امرأة فلسطينية تودع ابنها محمد بتسجيل مصور قبل ذهابه لتنفيذ عملية قتالية ضد الاحتلال الصهيوني، لتوصف بعد ذلك بـ«خنساء فلسطين»).
في آذار/ مارس 2002 كانت انتفاضة الأقصى في أوجها، ومجازر الاحتلال بحق الفلسطينيين شبه يومية. في يومين فقط استشهد أكثر من 50 فلسطينيا في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي مجزرة مخيم طولكرم ظلت الجثث ملقاة في الشوارع وعشرات الجرحى ينزفون دماءهم والدبابات وقوات الاحتلال تمنع إسعافهم.
في ساعة متأخرة من ليل الخميس 7 آذار/ مارس 2002، سَخِر شاب من كتائب القسام عمره 19 عاما من إجراءات الاحتلال الأمنية المشددة، واستطاع النفاذ من سلسلة حواجزه الأمنية والعسكرية، ووصل إلى مغتصبة «عتصمونا»، الواقعة ضمن تجمع مغتصبات «غوش قطيف»، المقامة على الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة.
اشتبك مع دورية عسكرية كانت مكلفة بالحراسة مكونة من 4 جنود، فقتل جميع أفرادها، ثم دخل إلى مدرسة عسكرية لإعداد المتطرفين اليهود للالتحاق بجيش الاحتلال، فاقتحم غرف إعدادهم ومبيتهم، وأطلق النار عليهم من مسافة صفر، ملقياً عدداً من القنابل اليدوية التي كانت بحوزته.
أثناء انتقاله إلى معهد ديني متخصص بتعليم التوراة للشبان الصهاينة الذين يلتحقون بالجيش، وصلت الإمدادات العسكرية إلى هناك، واشتبك مجدداً مع العشرات من قوات الاحتلال الإضافية حتى نفدت ذخيرته.
وحده، ولمدة 25 دقيقة، خاض معركة أسفر عنها استشهاده، واعترف الاحتلال أولا بمصرع 7 جنود وجرح أكثر من 20 آخرين، وبعد أشهر اعترفت مصادره أن عملية «عتصمونا» أدت إلى مقتل 11 من المتدربين والجنود في المستوطنة.
وصف التلفاز «الإسرائيلي» العملية بقوله: «عملية صعبة، مثل عملية إيلي سيناي».
في عام 2005 انسحب الصهاينة من غزة، وتمكنت أم نضال من زيارة مكان العملية ومكان دخول ابنها وقطعه للأسلاك الشائكة.