بسقوط آخر رهانات العدوان الداخلية، وانتهاء أبرز الشخوص السياسية المعبرة عن النظام القديم والتي تتحمل جزءًا كبيراً في التسبب في معاناة اليوم، يقف اليمنيون على عتبات مرحلة جديدة مهيأة لإنتاج الحياة والرفاه بظل السلم والشراكة والديمقراطية، مرحلة يمن جديد ستبدأ عمليًّا بسقوط التدخل الخارجي، الذي يعد العائق الأكبر أَمام هذه الطموحات والضرورات الوطنية.
ودول هذا العدوان هي المعيق التأريخي لعملية التحديث والإصلاح السياسي والاقتصادي في اليمن لتناقض المصلحة الوطنية بمصالحهم الاستعمارية التوسعية.
لطالما ارتبط بؤس الواقع اليمني شرطيًّا بالهيمنة الخارجية الحبشية الفارسية الأموية العثمانية في ما مضى، والبريطانية الأمريكية السعودية في هذا العصر. فالنهاية السيئة لعلي عَبدالله صالح، لا تعني تماماً نهاية العهد القديم، فالقوى القديمة ما زالت تحاول أن تعود إلى الحكم مرةً أُخْرَى وتعيد أشكال هيمنتها القديمة يتزعمها اليوم علي محسن الأحمر الذي يجد في العدوان الخارجي معينًا له على طموحاته، كما تجد السعودية به أداةً لتعيد هيمنتها؛ لتظل اليمن محكومة بذات روابط الهيمنة الخارجية والاستبداد الداخلي.
على القوى الوطنية اليوم أن تستشعر فعلاً مسؤولياتها تجاه مستقبل الوطن، كان صالح يمثّل النظام القديم ووكيل الهيمنة في صنعاء، كما ما زال يمثل علي محسن وهادي النظام القديم، وهما وكيلا الهيمنة في مأرب وتعز والجنوب.
استطاعت القوى الوطنية في صنعاء أن تدمّر القديم المرتبط بالأجنبي المعتدي، وعلى القوى الوطنية المخدوعة والموجودة في المعسكر الآخر أن تطهّر نفسَها من ممثلي النظام القديم وخدم المصالح الأجنبية (تحالف العدوان).
فمصلحة الوطن في تلاقي القوى الوطنية الجديدة التي شتَّتها الانقساماتُ السياسية الاجتماعية. قوى ثورة 11 فبراير و21 سبتمبر وحراك الجنوب في 2007م، بدون اقصاء المؤتمر أَوْ أحزاب ما كانت تسمى باللقاء المشترك، يجب إشراك الجميع في الدفاع عن الوطن وبنائه، لكن الجديد حتمًا سيأتي من هذه القوى الجديدة فهي المحرّرة من مصالح الفساد وعلاقات التبعية بالقوى الاستعمارية والتوسعية.