لأَنَّ القلوبَ جُبِلت على الحُبِّ والانشدادِ نحو من أحسن إليها، سعت أمريكا منذ تأسيسها لنهب ثروات الشعوب، ومن ثَمَّ إعطاؤها فتاتًا مما نهبت، كالصياد الذي يضعُ القطعة الصغيرة من اللحم ليستهدفَ بها السمكةَ الكبيرةَ ولن تسلم من سنارة الصيد إلا السمكة التي أقفلت فاها من طُعم الصياد الذي تظن كثيرٌ من الأسماك الحمقاء أن في السنارة طعاماً يحفظُ لها الاستمرارَ في الحياة والبقاءَ، غيرَ مدركةٍ أنه طُعم يصيدُها ويقبضُ روحَها.
هكذا تتعامل أمريكا مع شعوبنا؛ فلا يخرج ما تقدِّمه عن كونه طُعمًا لتدجينِ الناس وصرفِ أنظارِهم عن الحذر واليقظة، واستعطافِ مشاعر الناس؛ حتى تصنعَ في نفوس الشعوب استرضاءً لتواجدها في بلدانهم؛ مِن أجل أن تحتلَّهم، وتجتاحَ بلدانهم، وستستعيدُ بالأضعاف المضاعفة من ثرواتهم وجيوبهم بأكثر مما قُدِّمَ لهم.
في اليمن هكذا فعلت أمريكا -ولا تزال-؛ فبعدَ حصار شعبه وتجويعه ونهبِ ثرواته وضرب مقدراته واستضعاف أهله، جاءت بمنظماتٍ تحملُ شعاراتِ الإنسانية وهي بعيدةٌ كُـلَّ البُعد عن الإنسانية.
ومما يؤكّـد ويبرهن ما نقول هو غيابُ عينِ أمريكا عن معاناة شعب اليمن عُمُـومًا، ومحافظة الحديدة خُصُوصاً، التي كانت أمريكا سبباً رئيسياً في حصارِه وتجويعِه وجعلِه أشدَّ فقراً، من خلال أنظمتها السابقة وعدوانها الحاضر، ولا تخرج مساعدات المنظمات الأمريكية للحديدة اليمنية عن كونها مُجَـرّدَ أغذية فاسدة وأدوية منتهية الصلاحية، ناهيك عن أن أمريكا هي من تسببت في تعكير مناخ الحديدة باستهداف محطات الكهرباء فيها؛ حتى وصلت معاناة المواطنين هناك إلى حالة مزرية تحتَ رحمةِ الحر الشديد وفي أوضاع لا تُطاق.
والأسوأ أن أحداً لا يكترثُ لوضعها حتى يَئس أهلُها من أية مناشدات وجّهوها سواء لجهات رسمية أَو للمنظمات غربية.
لن يخرج اليمن من معاناةِ شعبِه إلَّا بخروج أمريكا من أرضه، والسعي للحرية والاستقلال، والاستفادة من مقدراته وثرواته؛ فهي كفيلة بإنهاء مهزلةِ الفقر المفتعلة من الأنظمة العميلة؛ فخلاص اليمن وأهله ليس على يد المنظمات الغربية، وإنما على يد القيادة القرآنية، وللرئيس المشاط بصمة في الحديدة تؤكّـد ذلك، فقد وجّه صندوق دعم الحديدة بالعمل على إنقاذ أبناء الحديدة من ذاك الوضع المأساوي الذي وصلت درجت الحرارةُ فيه إلى (60)ْ، أشرف الرئيس المشاط بنفسه وتم حصر الفئة الأشد فقراً وتم إيصال الكهرباء بالمجان لأكثر من 7325 أسرةً منذ أكثر من عام وإلى اليوم؛ فذلك هو حقاً ما كانت تفتقرُ إليه الحديدة؛ فلماذا غابت المنظمات عن مثل تلكم مأساة؟ أم أن دورَها يقتصر على توزيعِ الحفاظات والأغذية الفاسدة والمنظفات وبعض الكماليات الشكلية؟!
* نقلا عن : المسيرة