لا يخفى على الجميع عامة الناس وخاصتهم أن العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي استهدف الاقتصاد اليمني ونهب الثروات وعطل كُـلّ المقومات التي كان يعتمد عليها اليمن في صرف المرتبات وتشغيل المؤسّسات.
حتى قبل أن يتصدر أنصار الله المشهد وقبل انطلاق ثورة 21 سبتمبر كان عبدربه منصور هادي (دنبوع السعوديّة) قد أعلن حينها أن الحكومة لن تستطيع دفع مرتبات موظفي الدولة وأنه استلم (بنكًا فارغًا)، وهذا ما أكّـدته تقارير الأمم المتحدة في حينها وذكرت أن ما يسمَّى بحكومة الوفاق مشرفة على الانهيار الاقتصادي.
لكن بعد ثور 21 سبتمبر حولت حكومة صنعاء المعادلة الاقتصادية رغم التضييقات الخارجية واستمرت تدفع المرتبات والنفقات التشغيلية والعلاوات للجميع بدون استثناء من شمال اليمن إلى جنوبه، وهذا طبعاً لم يكن من بنك إيران بل من البنك المركزي اليمني في صنعاء، الذي كان يورد إليه عائدات النفط والغاز الذي تعتمد عليه الدولة في صرف المرتبات بنسبة ٨٥-٩٠ % سابقًا وحتى في ذلك الوقت.
لم يرتح العدوّ في حينها وأراد أن يركع حكومة صنعاء وتلقت صنعاء الكثير من التهديدات ومن أبرزها ما قاله السفير الأمريكي في مفاوضات الكويت للوفد المفاوض وهدّد الوفد بأنهم إذَا لم يوقعوا ويخضعوا “فسنضرب العملة اليمنية ونجعل منها لا تساوي قيمة الحبر الذي عليها”.
وحقاً قاموا باستهداف السيولة النقدية وتجميد الاحتياط البنكي من العملة الصعبة ونهبوا ثروة النفط والغاز وأطبقوا الحصار الاقتصادي الخانق علينا إلى درجة تغِّييب حتى أكياس الطحين وكلّ وسائل العيش وضربوا العملة الوطنية ونقلوا البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، قلنا لهم حينها ورفعنا أصواتنا كشعب من الذي سيصرف مرتباتنا!
تعهدت حكومة الخونة والعملاء في حينها بدفع المرتبات وهذا ما صرح به (الدنبوع عبدربه منصور) وتعهد للناس بالدفع وصرح بتصريح سمعه الجميع لكنهم تلكأوا ولم يصرفوا.
لم يكن أمام حكومة صنعاء إلا خيار المقاومة والتحَرّك بكل مسؤولية وجد وجهد ملموس في تأمين البلاد وتشغيل مؤسّسات الدولة والحفاظ عليها من الانهيار وتوفير الخدمات الممكنة وكلّ ذلك بإيرادات لا تُذكر.
ولم تألُ صنعاءُ جُهداً في محاولة استعادة الرواتب، وكانت في كُـلّ جولات المفاوضات مع تحالف العدوان الذي قطع المرتبات، كانت تضع المطلب الرئيسي والشرط المهم هو تسليم المرتبات من عائدات شعبنا اليمني من النفط والغاز اليمني، وليس مِنَّة من أحد، وكان التحالف الأرعن يعتبر هذا المطلب تعجيزيًّا ويماطل ويتلكأ.
وبعد كُـلّ هذه الحقائق تبين أن المطالب للرواتب هم طرفان:
-
الطرف الأول كاذب منافق أَو جاهل يستغل هذا المطلب لدغدغة العواطف اليمنية وتحريض الساحة الوطنية في أن المرتبات لدى صنعاء وتستطيع صرفَها من الإيرادات التي بين أيديها اليوم مع علم الجميع أن الإيرادات بالكاد تغطي وتشغل مؤسّسات الدولة اليوم.
النفط والغاز الذي ينهبه تحالف العدوان وتورد عائداته في البنك الأهلي السعوديّ وهو الذي كان يُصرف من عائداته المرتبات، وما يشهد على ذلك هو أن صنعاء صرفت حين كان بين يديها.
والعمل على إيجاد بدائل لصرف المرتبات حتى تحرير تلك المنشآت ليس أمراً بسيطاً، يمكن حله في مرحلة وجيزة مع الحصار الشديد الخانق، هذا يحتاج إلى جهد، إلى برامج عمل، إلى تحريك عملية الإنتاج في مجالات وقطاعات وموارد، حتى نعود إلى مستوى جيد، وحتى نتمكّن-بإذن الله- من استعادة ذلك الحق الذي هو حقٌ للشعب اليمني بشكلٍ عام، وهو حقٌ منهوب، وحقٌ يسيطر عليه الأعداء ويسرقونه وينهبونه.
-
الطرفُ الآخرُ الذي يطالب بالمرتبات هو الطرف الوطني الحر الذي يرفع صوته عالياً في وجه تحالف العدوان وبصوتٍ واحد قائلاً: نريد مرتباتنا جميعاً مدنيين وعسكريين من عائدات النفط والغاز التي تذهب إلى البنك الأهلي السعوديّ وتمنع دول العدوان (بتواطؤ حكومة العملاء والخونة) صرفها كمرتبات للموظفين، ولا مِنَّة أَو فضل لأحد في ذلك.
ولا يمكن أن يتحقّق هذا الحل الاقتصادي عبر المرتزِقة ولا الخونة والعملاء ولا حتى تحالف العدوان فسياساتهم الاقتصادية العدائية أوصلت المواطنين في المحافظات الجنوبية المحتلّة إلى الفقر والمجاعة ولا حَـلّ إلا بعودة البنك والموارد إلى صنعاء.