من أهم قواعد الاستراتيجية العسكرية ضرورة حرمان العدو من أي ميزة يستفيد منها في ميدان المعركة، وكذلك هي الاستراتيجية ذاتها في السياسة والإعلام والكتابة؛ يجب تجريد العدو من الميزات التي تسمح له بأن يكون عدوانه شرعيا وجرائمه قانونية. واليوم العدو يمتلك ميزات كبيرة في مجال التضليل والتطبيع. هذه الميزات لها علامات مقلقة، أخطرها سيطرة أصحاب السلطة والثروة، وهي سيطرة مبنية على الاعتقاد الأبله بأن الديمقراطية حل لكل المشاكل، بينما هذا الحل هو الوجه السياسي للاعتقاد بأن تزاوج السلطة والثروة سيعالج إشكالات فشل وخيبة الإدارة والاقتصاد، بينما هو احتكار لقلة الموارد بشكل يمنح من يملك المال فرصة ركوب السوق والمجتمع والدولة بمنتهى المشروعية في أكثر السياقات نزاهة في الظاهر، وأكثرها خسة ودناءة في الخفاء.
كل هذا يطرح سؤالا للمؤمنين الصادقين عن صحة شرعية ومشروعية هذا التزاوج؛ هذا إذا أرادوا طبعاً أن يكشفوا للناس مشروع التغيير الحقيقي وبجدية؛ لأن محاصصة مناصب السلطة وشراكات المال والثروة لا تعمل لكم أي ديمقراطية واقعية، ولا تجعل منكم ديمقراطيين أصلا؛ إلا إذا كنتم تريدون ديمقراطية زائفة تغطي الوسخ القديم والجديد، أي تمنح عدوكم فرصة لتضليل الناس ودفعهم للصراخ عليكم واتهامكم بما ليس فيكم، وتمنح الخونة والعملاء سهولة الظهور والنجومية السياسية والوطنية، وعلى حساب دماء وتضحيات وبطولات وصبر وتحدي وصمود أطهر وأشرف وأعز خلق الله. فمهما تعلق مؤيدو سطوع نجوم فرص المصالح والأطماع الشخصية المالية أو الإدارية بأطر فكرية، فإن إطار الانتهازي والمنافق هو الأقرب لنيل فرصة المصلحة التي هي الغالبة على أي أفكار أخرى.
إن الفرص المقدمة للعدو لاستمرار تضليله وكذبه تأتي من سوق نخاسة نجومية السلطة والمال. وهذه النجومية سوف يعبر عنها أصحاب المصالح والأطماع الشخصية غدا بتناقضاتهم الفكرية في حكمهم على الأمور التي تصنع الفارق بينكم وبين أعدائكم، ووزن كافة الأمور بمكاييل متناقضة الموقف والمبدأ والقيم والمشروع، والتصرف بسلوكيات وممارسات تنافي كافة الأقوال التي حارب الناس من أجلها، واتخاذ النفاق الاجتماعي كأداة لتحقيق المآرب الرخيصة، والعمل بمنطق: "من عاش عاش، ومن مات مات".
وهذا يدعونا لأن نقول بالصوت العالي: تبا للرخاص منتهزي فرص الثراء والسلطة، وسحقا لأصحاب المصالح الشيطانية التي حولت البشر إلى كائنات دنيئة ينهش بعضها بعضا لأغراض زائلة؛ وهذا لأننا ببساطة في زمن الانكشاف الكبير، زمن التطبيع مع العدو الصهيوني علنا، فلا أحد يحتاج للمواربة أو التخفي أو التطبيع السري، "يا تطبيع ويهودة عيني عينك، يا مقاومة وجهاد ورفض للتطبيع عيني عينك"، أما محاولة التستر هنا والعمل مع هناك، فكل من يقوم بهذا هم الخونة والعملاء والمنافقون والانتهازيون.
* نقلا عن : لا ميديا