منذ قرن من الزمن والمسلمين يتعرضون للتدليس بما يعكس قناعات وثقافات مغلوطة فهناك من الأفكار المزروعة ما يجعلنا نستهين بالذنوب وارتكاب المعاصي؛ لأَنَّ بضع كلمات إن قُلْتها قبل النوم وعندما تصحو دخلتَ الجنة، وهذه إذَا قلتها غفرت ذنوبك ولو كانت كالجبال، وصيام يوم يغفر لك ذنوب عامين وهكذا.
ومن ناحيةٍ أُخرى نجد بعض القصص والأقاويل والأحاديث المدسوسة والسيرة المغلوطة، تقودنا إلى أن نكونَ غيرَ ما يجب أن يكون عليه المؤمن، وهناك ما يشوّه الدين، ويعكس عنه صورةً خاطئةً ويصور المسلمين كمجموعة أمرها الله بالقتل لكل غير المسلم وكلها أفكار دخيلة على ديننا وليس لها أي أَسَاس في إسلامنا الحنيف، وكنا عن جهل ودون دراية نعتقد بصحتها.
فمثلاً بخصوص شهر رمضان المبارك كنا نحصر مسألة التهيئة والاستعداد لدخول الشهر بتجهيز المأكولات والعصائر وغالبًا أشهر ما يتم الاستعداد بتوفيره في المطبخ اليمني والعربي بشكلٍ عام هي سلع مصنعة غربياً ومنها سلع صهيونية فساهمنا في استهلاك السلع التي يجب مقاطعتها وجعلنا من فقراء المسلمين يعانون في هذا الشهر أكثر من غيره نظراً لعجزهم عن توفير الاحتياجات التي يتوجب توفيرها في شهر رمضان دون غيره وكأنه شهر التبذير والإسراف في الطعام لدرجة إصابة الأغلبية بالتخمة ومَــرضَــى المعدة من انتفاخ وعسر هضم وفي ذلك إعاقة للتهجد وأداء العبادات بالشكل المطلوب وهناك عدم التفات إلى المساكين والجوعى في حين أن أحد أكثر الأعمال تقرباً إلى الله عز وجل هي إشباع بطون الجائعين وتوفير الطعام لمن لا يملكون قوتَ يومهم، كما علمونا أن ما نقوم به من عبادات خلال الشهر الفضيل ستغطي تقصيرنا وتهاوننا في العبادة خلال الفترة السابقة وتكفر الذنوب التي ارتكبناها، حتى بخصوص ليلة القدر نترقب الليالي الفردية، وهدوء الأجواء وساعة الاستجابة التي من خلالها سنحصل على كُـلّ ما ندعو به الله عز وجل بمُجَـرّد أن نظفر بتلك الليلة يعني مسألة حظوظ لا أكثر، بينما الحقيقةُ هي أنها بمثابة الجائزة لمن صام وأقام رمضان واحتسب بالشكل الصحيح منذ بدايته إلى نهايته وليست مُجَـرّد ضربة حظ، هذه الأفكار وغيرها لم تأتِ من فراغٍ؛ فقد كانت كُـلّ فكرة مدروسة بعناية بما يؤدي إلى التيه والضلال والتمادي في ارتكاب الذنوب والتقصير.
إلى أن ظهرت مسيرة الحق على يد السيد الشهيد القائد -رضوان الله عليه- ومن بعده قائِد الثوْرة -حفظه الله-.
فكان استعدادُنا لرمضان منذ قدوم أعلام الهدى روحياً وعلمنا منهم أن ليلة القدر لا يحظى بها من عرف علاماتها فقط وإنما من أقام الشهر كله بالتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة وعلى رأسها الإطعام للمساكين والجوعى والتراحم والتكافل.
وعلمنا أن ثواب قراءة القرآن الكريم يكون من خلال تدبر آياته والعمل بها وليس بكثرة القراءة بشكلٍ عابر دون تدبر؛ فتسارعنا كان نحو التدبر أكثر من التسارع نحو عدد مرات ختم القرآن الكريم.
وعلمنا أن التوبة النصوحة يليها العمل الصالح هي النجاة من سخط رب العباد وليس التحايل بأقاويل وعبادات مؤقتة بين الحين والآخر والقلب أجوف وأسود والأعمال خبيثة طوال العام.
فليكن استعدادنا لاستقبال رمضان روحانياً وليكن شهر الفضيلة بما تحمله الكلمة من معنى.
والله الموفق والمستعان.