خليل العمري / لا ميديا
ونحن في محرابه مجددا، نستهل صلاة الحب بتساؤل لا بد منه:
تُرى ما هو السر في تسامي وتفرد شخصية شهيدنا الكبير عبدالكريم الخيواني؟
ثقافته الواسعة؟
شجاعته؟
حبه لليمن؟
هناك آخرون يشاركونه هذا.
ربما يكمن السر في جوهره!
الخيواني كان صوفي الجوهر، وإن لم يحضر زاوية (تكية) أو رباطا.
يتساوى عنده الذهب و"المَدَر".
ارتباطه بالأشياء ضعيف جدا، فلا يستكثر منها.
نظرته إلى المال لا تجاوز حدود حاجته في مطعمه وملبسه خلال يومه، وما زاد عن ذلك يراه عبئا، فينتهز أقرب فرصة للتخفف منه.
المنزل عنده أي مكان يأوي إليه.
السيارة عنده أي مركبة يدور محركها.
لا يُلقي بالا للفخامة والأبهة.
هنا السر.
فبمقدار تخففك من الأشياء تزداد قدرتك على التحليق.
وكلما حلقت عاليا تتصاغر في عينيك الأشياء في الأسفل.
علينا، نحن تلامذته ورفاقه، أن نتذكر أن الخيواني لم يكن شخصا، بل كان منظومة قيم، ومنهج حياة، وخط تحرر وطني أصيلا.
فعهدا عهدا يا معلمنا وحادي ركائب شوقنا، أن نبقى الأوفياء للقيم الوطنية والإنسانية التي قدمت نفسك قربانا على مذبحها.
ومهما أغطش المدى، مهما طال الدرب وتوعّر مسعاه وتربصت على جانبيه الضباع وبنات آوى، سنغذ السير في مسراك النبيل نحو فجرنا الأبهى.
أما سُرّاق الثورات فنقول لهم:
عبدالكريم الخيواني ناضل من أجل الخلاص من الهيمنة والوصاية الخارجية.
ناضل من أجل الدولة المدنية العصرية، من أجل الديمقراطية والحقوق والحريات، من أجل المواطنة المتساوية...
ناضل من أجل حياة كريمة، لخصومه قبل رفاقه.
الذين لا يؤمنون بهذه القيم، أو يتنكرون لها، ليس لهم أن يحتفوا بعبدالكريم الخيواني، بل عليهم أن يخجلوا من أنفسهم، وأن يتوقفوا فورا عن استخدام شهيدنا الكبير كلاصق جميل على بضاعتهم البائرة.