في المحاضرة الرمضانية الثانية للسيد القائد (عليه سلام الله ورضوانه) للعام 1444هـ، تحدث حول أهمية التقوى ونتائج التقوى في المستقبل الأبدي في عالم الآخرة، فالله جعل حياتنا مرتبطة بحياة الآخرة، ويجب أن يكون تركيز الإنسان على مستقبله في عالم الآخرة، ولهذا ينبهنا الله سبحانه عن هذه الغفلة، وعدم تقوى الله في توريط أنفسنا في الحياة الدنيا وعدم الحساب لعالم الآخرة، لهذا يجب أن نتقي الله ولا نفرط في الحياة الدنيا، وتعتبر فترة الدنيا هي فترة وجيزة مقابل فترة المستقبل في عالم الآخرة.والإنسان معني في تقديم ما فيه فوزه وفلاحه، فالبعض يعد لنفسه في مستقبله في الآخرة الشقاء والعذاب، وبهذا يكون الإنسان هو من سبب ذلك لنفسه من خسارة فادحة، فكل شيء محسوب في عالم الآخرة مثقال ذرة من الخير ومثقال ذرة من الشر، ولهذا يجب الأخذ بالاعتبار في هاتين الحياتين، والإنسان سيتورط في حساباته الدنيوية على حساب حساباته في مستقبل حياة الآخرة، واهتمام الإنسان بالآخرة وسعيه لها لا يعني تركه لحياة الدنيا، والعمل في الحياة الدنيا يكون من أجل رفع حساب الآخرة.
إن النظرة القاصرة في العمل للحياة الدنيا فقط، وهي الحياة المؤقتة والمحدودة، والتي سرعان ما تنتهي، لكن تبقى التبعات، وما قيمة هذه الحياة كلها إذا كان ما بعدها جهنم، إنها ورطة رهيبة وشقاء وعذاب دائم، ومن أراد الآخرة ومستقبل الآخرة الأبدي، ونعيمه على أرقى مستوى للأبد، وسعينا للآخرة في هذه الحياة هو من أنشطتنا وأعمالنا التي تكتب لمستقبلنا في الآخرة، ولا بد من السعي للآخرة من منطلق إيماني، والله سبحانه وتعالى يشكر هذا السعي، ويكتب عليه الأجر العظيم والفضل العظيم والحياة السعيدة، واهتمام الإنسان بمستقبله في الآخرة، لا يعني حرمانه من الحياة الدنيا، وأعظم تفريط هو عدم حساب الإنسان لعذاب الآخرة، وكل أعمالنا هي تقدمة لمستقبلنا في الآخرة وهي من تقرر مصيرنا، وفي حساباتنا ننطلق من منطلق رقابة الله سبحانه وتعالى، والإنسان الذي ينطلق من نسيان الله وعدم تقوى الله قد ورط نفسه بنيل العذاب الأبدي ونتيجة ذلك نسيان نفسه، وعلى الإنسان أن يدرك أنه متجه إما إلى الجنة أو النار، فإن سار على نهج الله فإن طريقه إلى الجنة وإلا كان طريقه إلى النار، وهذه الحقيقة التي يجب أن يذكر الإنسان نفسه بها يوميا.
التقوى هي أن يقي الإنسان نفسه من عذاب النار، والرحيل من هذه الحياة هو الموت، وهو نهاية الفرصة في العمل الصالح بهذه الحياة، والله سبحانه وتعالى يقول: “كل نفس ذائقة الموت”، وهذه هي الحقيقة الثابتة عند كل البشر، والكل راحل ومنتقل من هذه الحياة، والمستقبل هو إما الجنة أو النار، ولا يستطيع أحد أن يمنع هذه النهاية المحتومة، والشيء العجيب عند البشر أنهم لا يأخذون هذه العبرة وهذه العظة، والإنسان الذي يغفل عن هذه النهاية وعن مستقبله في الحياة الآخرة ستكون نهايته مزعجة بالنسبة له، ومن لا يبالي بهذا الأمر سوف تكون الخسارة عظيمة، وليحذر الإنسان، عليه أن يفكر في مستقبله وألا يكون من هذه العينة الخاسرة، ويتقبل العظة والموعظة، ومن أسباب الحصول على مستقبل مشرق في الآخرة هو الإنفاق في سبيل الله وفي سبل الخير التي أمر الله بها، حتى التوبة عندما يعمل الإنسان باستهتار لمزاج وشهوات النفس فلا مجال لها إذا لم تكن توبة مبكرة، ولهذا يجب تقديم العمل الصالح ومعرفة أن الدنيا محدودة ومؤقتة، ولهذا يجب الابتعاد عن التسويف، والإعداد للمستقبل هو الإيمان بالآخرة والبعث ويوم الحساب.
* نقلا عن : لا ميديا