في المحاضرة الرمضانية الخامسة عشرة للسيد القائد (عليه سلام الله ورضوانه) للعام 1444هـ، تحدث حول بعض النقاط المهمة حول خطورة ذنب التكبر، الذي هو ذنب إبليس وسبب ورطته وخسارته، وإذا كانت حالة التكبر التي قد تحصل للإنسان حتى في حالة الإيمان فإنه يؤثر على نفسيته تأثيرا بالغا ويفسدها ويغيرها تغييرا خطيرا، فيتحول من واقع إيماني إلى واقع آخر هو واقع الكفر، الذي هو أعلى درجات المعصية، وهذا يبين خطورة ذنب التكبر، والذي هو سبب دفع بالكثير من الأمم والأقوام والشخصيات والرموز من الطغاة، لمحاربة الرسل والأنبياء، ومعاداة أولياء الله، والصد عن سبيل الله، وما يتفرع من التكبر من المفاسد الكبيرة منها الظلم لعباد الله.
والطغاة المتكبرون كلما كانوا أكثر تكبرا كانوا أكثر ظلما، وعلى رأس أولئك بنو إسرائيل، الذين كذبوا فريقا من الرسل وقتلوا فريقا، والسبب استكبارهم. وعلى مدى التاريخ تشكلت أقوام وجماعات وكيانات ودول وزعامات وأتباعها، وأفراد أيضا، وتمتد سيئة وذنب التكبر إلى واقع الضعفاء المرتبطين بالمستكبرين.
في يوم القيامة يبرز عنوان الاستكبار، وتبرز حالة وعنوان الكبر في سياق العذاب لأصحاب الكبر في الآخرة، فهي خافضة للمتكبرين، لا وزن لهم ولا قيمة لهم، يحشرون بذل وهوان وندم وتحسر، وحالة الإهانة في يوم القيامة حالة رهيبة ومخزية مقارنة في حالة استكبارهم في الدنيا.
إن كيانات الطاغوت والظلم والصد عن سبيل الله وعن الحق ومبادئ الخير والقيم والأخلاق، وهو الدور الذي يقوم به اليوم الأمريكيون و»الإسرائيليون» الذين يسعون للسيطرة على المجتمع البشري والاعتداء على الشعوب وضرب البنية الأخلاقية للشعوب، هذه الكيانات المستكبرة التي تدعم حالة المثلية وبؤس أكثر البشر ومعاناة شعوب الأرض، تسعى دائما لهدم الإنسانية.
أما على مستوى الحالة والحياة الإيمانية، فإن على الإنسان أن يكون مبتعدا عن التكبر، فحالة التكبر يمكن أن تظهر في أي بيئة، وتسبب للإنسان الانحراف، والإنسان إذا أصيب بحالة الغرور والعُجب لا يقبل النصح ولا يسمح للآخرين أن يذكروه، ويتكون حاجز بينه وبين هدى الله وكلام وآيات الله. حالة التكبر إذا طرأت على الإنسان وهو يعيش في بيئة إيمانية تظهر الحواجز بينه وبين الآخرين، وتبدأ نظرته تتمحور حول ذاته، ثم يصبح المعيار لديه هو مدى رضاهم عنه والتضخيم له، ولم يعد الأمر متعلقا بالله.
التكبر يضرب إخلاصك لله، ويضرب الأعمال والمسؤوليات ذات الأهمية المرتبطة بالله، فتكون جريئا في ارتكاب السلوك الخاطئ مع الناس، يلغي لديك التواضع، وتتغير نفسية المتكبر ويحمل مشاعر الازدراء للناس. أما حالة الإنسان المؤمن فإنه يتربى على الخضوع لله سبحانه وتعالى، وطموحاته متجهة لله وتكريم المكانة عند الله سبحانه، وهذه هي الكرامة الحقيقية.
أما المتكبرون فيمقت الناس تصرفاتهم، لأنهم يحملون مشاعر الاحتقار للناس، والله سبحانه فتح للناس المستضعفين عزة الإيمان الذي يبنى عليه السلوك النقي، تبرز عزتهم وشموخهم بعزة الإيمان وثباتهم على الحق وعلى نهج الله وقيمهم الراقية واحترامهم للناس. عزة الإيمان لن تدفعك لرفض الحق وممارسة الظلم وتصرف الطغيان، والله يمنح عباده المستضعفين الذين لا يتبعون المتكبرين أن يمكنهم في الأرض ويجسدوا القيم الإلهية، ويمنحهم عزة الإيمان، والمستضعفون على مر التاريخ هم من قامت على أكتافهم رسالات الله في الأرض، وهم من يحققون الإنجازات المهمة ويعتقون البشر من ظلم المستكبرين وظلمهم، حتى أصبحوا سادة العالم، والتوجه الصحيح هو الذوبان في الله، فيمنح الله لك الود في قلوب الناس، ويرفع قدرك وشأنك وعزك بعزة الإيمان، والعكس صحيح.
ذنب التكبر من أخطر الذنوب، ويحذر من اتباع خطوات إبليس، فمن الآثار السلبية للاستكبار وذنب التكبر أن يلعنه الله، وعلى الإنسان الذوبان مع الله، وقراءة القرآن. وأصحاب المناصب عليهم أن يحذروا جيدا، لأنهم أكثر الناس عرضة للسقوط في وحل التكبر والاستكبار.
* نقلا عن : لا ميديا