جولة استثنائية اخرى من الصراع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني انتهت امس (مبدئيا)، بعد سريان وقف إطلاق النار، وبعد سلوك التهدئة حيز التنفيذ، مشروطة بالتزام الكيان الغاصب بوقف الاغتيالات ووقف استهداف المنازل.
حصيلة هذه المواجهة كانت لناحية الفسطينيين، تدمير عدد كبير من المنازل السكنية في غزة، وإرتقاء عدد غير بسيط من الشهداء المدنيين ومن المقاومين، على رأسهم ستة قادة من الجهاد الاسلامي، من خيرة القادة العسكريين الميدانيين اصحاب الخبرات الواسعة في إدارة وتخطيط وتنفيذ عمليات المقاومة بمختلف اشكالها ومستوياتها.
لناحية العدو، سقط له عدة قتلى وعشرات الاصابات بين المستوطنين وبين الجنود (الرقابة العسكرية تمنع نشر أي خبر له علاقة بعدد القتلى او الجرحى من الجنود)، مع تدمير غير بسيط في اغلب المستوطنات، وصل مستواه (التدمير) إلى درجة غير مسبوقة وغير متوقعة.
ايضا، لم يستطع العدو تحقيق اي هدف أساسي من اعتدائه الواسع الممهور بعمليات الاغتيال الغادرة، ففشل في ضرب بنية المقاومة وفشل في زعزعة تماسكها، وفي تفتيت وحدة عملها وترابط مكوناتها وساحاتها، وفشل في تكبيل قراراتها وفي تشتيت قياداتها، وفي إضعاف ادارتها لعملياتها، وتحديدا الصاروخية، كما وفشل ايضا في خلق شرخ بين المقاومة وبين أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة التي كانت مستهدفة مباشرة.
لناحية المقاومة، يمكن القول انها حققت عدة إنجازات استثنائية، ظهرت وسوف تظهر نتائجها تباعا، وذلك على الشكل التالي:
ــــ على صعيد المعركة، استطاعت تحقيق إنجاز عسكري تقني من خلال نجاحها في استهداف مستوطنات ومناطق داخل الكيان، بصواريخ تقليدية او جديدة، تجاوزت القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الجوي للعدو بنسبة لامست الخمسين في المئة، ضاربة بذلك نواة الدفاع الجوي لدى العدو والذي يعتمد عليه كسلاح أساسي ووحيد لمواجهة صواريخ ومقذوفات المقاومة.
ــــ على صعيد إدارة المعركة وتنسيق عملياتها، حققت المقاومة ايضا انجازا لافتا، من خلال العمل بظروف صعبة وحساسة، والثبات على مستوى مقبول في ادارة وتنسيق العمليات، تحت ضغط الاستهدافات الجوية للعدو، بالقاذفات او بالمسيرات، والتي ادارتها منظومة حديثة من الاستعلام الواسع، المبني على تقنيات متطورة وعلى إدخال قدرات مستحدثة لوسائل الذكاء الاصطناعي، كسلاح تقني فاعل لتحديد الأهداف .
وليبقى الانجاز الأكبر للمقاومة الفلسطينية، وتحديدا لحركة الجهاد الإسلامي، هو في انتزاع التزام العدو بوقف الاغتيالات وبوقف استهداف وتدمير المنازل، ليكون (العدو الاسرائيلي) بذلك، قد خسر السلاح الأقوى والأكثر استعمالا لديه ضد المقاومة، وليكون بذلك قد اعترف، ورغما عنه، وبطريقة ضمنية، بأنه فشل في كل اهدافه البعيدة التي اراد تحقيقها عبر الاغتيالات الغادرة، وليفتح بعد هذه المواجهة الخاسرة له، الباب واسعا على سؤالين أساسيين:
ــــ هل قادرة حكومة نتنياهو على الاستمرار في الحكم بعد خسارتها ورقة العنف المتشدد عبر الاغتيالات والتصفيات؟
ــــ كيف يمكن لـ"إسرائيل" ان تواجه معركة اوسع بكثير من المعركة مع حركة الجهاد الإسلامي، بساحاتها، او بالاسلحة النوعية التي تمتلكها وتبرع في استعمالها أطراف اخرى من محور المقاومة؟
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري