أطلَّ علينا السيدُ القائدُ عبدالملك بدرالدين الحوثي، في أول درسٍ له لليوم الأول من شهر ذي الحجّـة 1444هـ، وفق منهجية تحفيزية قائمة على استنهاض الوعي والإدراك، وتقديم النصح والإرشاد؛ حرصاً منه على زكاء النفوس المؤمنة، وانفتاح قلوبها للتغيير والتحول إلى ما هو أفضل وأسمى، حَيثُ يحَرِّضُ المؤمنَ على الديمومة في الارتباط مع الله، من خلال مخاطبة قلبه وعقله وتوعيته وإرشاده، ودفعه إلى التخلص من كُـلّ السلبيات العالقة والتي تجعله متمسكاً بالدنيا وملتبساً بالمعاصي والذنوب.
المتمعنُ في كُـلّ محاضرات السيد القائد سيلحظ أن في كُـلّ كلمةٍ بحر عميق جِـدًّا من المعاني والدلالات التي تحفز على الاستفادة منها والرجوع إليها، ففي محاضرة الأمس، رسم لنا جدولَ مقارنة للوضع الذي نعيشه اليوم، لاحظنا فيه وجود مجموعة من النقاط، التي تدور حول وصية الإمام علي، لابنه الإمام الحسن (عليهما السلام)، هي بمثابة منهج؛ مِن أجل بناء الإنسان؛ فهو ليس منهجاً عقائدياً ودينياً فحسب، وإنما منهجٌ لبناء الإنسان المتكامل من جميع الجوانب، وهذه القيم التكاملية، تؤدي إلى بناء الإنسان بشكل متكامل مادياً ومعنوياً وأخلاقياً واقتصاديًّا وسياسيًّا.
خلافاً عن كُـلّ الوعاظ والخطباء والدعاة تجدُ في خطاب السيد القائد منهجاً إيجابياً؛ إذ لا يمكنُ أن تلحظَ عليه أيَّ نوع من السلبية أَو التشاؤم، وإنما منهجٌ إيجابي يحاول أن يقدم إصلاحاً شاملاً للبشرية، وبريق أمل في الحياة، وطريق تقدم يجب أن تسلكه، ويمكن القول إن هذه النظرة الخَاصَّة في البناء التراكمي للإنسان، وهذه الإيجابية المنهجية والتي دائماً ما يطالعنا بها السيد القائد، لا شك أنها مستوحاةٌ من منهجية الإمام علي (عليه السلام)، الذي لم يتنازل في منهجه للأشياء التكتيكية البسيطة، وإنما كان بعيد المدى في رؤيته لبناء الإنسان وتكامله وارتقائه.
بالأمس شد انتباهي الكثير من الكلمات والمعاني في درس السيد والذي تضمنَ مقتطفاتٍ من وصية الإمام علي (عليه السلام)، وقد يصل البعض في عمره إلى الخمسين فما فوق، غير أني أعتقد شخصيًّا بأني لم أسمع من أقوال البشر أعذبَ من هذا القول والذي يقول فيه الإمام علي: “أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَأَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ وَنَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ وَذلله بِذِكْرِ الْمَوْتِ”، إنها منهجية إيجابية بعيدة المدى، معظم البشر أَو 99 % منهم قاصري المدى، حَيثُ يبحثون عن منافع آنية شخصية، وليس لديهم نظرة نحو المستقبل، لذا أدركت أن كُـلّ ما نعمل هُنا هو جواز العبور لمستقبلنا هُناك.