غزاة باسم التحرير جاءوا، وباسم العدل والتنمية الاقتصادية والمعيشية بسطوا سيطرتهم، بعد أن فتح الخونة والعملاء وبسطاء الجنوب أذرعهم، وسط صمت وتخاذل بقية أبناء الجنوب الذين ركنوا لوعود تحالف العدوان بإعمار الجنوب، وإعادة الأمن والاستقرار الذي قوضه التحالف مع أول هجماته ضد اليمن ليلة الـ26 مارس 2015م.
الجنوب في ظل الاحتلال من سيءٍ إلى أسوأ، انفلات أمني وتدهور الاقتصاد وفوضى عارمة وغلاء فاحش وانهيار سعر الريال اليمني الذي وصل إلى أدنى مستوياته أمام العملات الأجنبية، لتدخل كافة المحافظات الجنوبية في نفقٍ مظلم وفيه تتلاطم أمواج الخيانة والارتزاق وتفرض عليه العيش في دوامة الصراع عن المناصب ونهب الثروات ومحاصصتها بين أذناب ومرتزِقة العدوان بفردتي حذائه السعوديّة والإماراتية وفرض الإتاوات والشللية والإقطاعيات، وتقسيم الجنوب والسباق السعوديّ الإماراتي للسيطرة على الجزر والمحافظات ذات الأهميّة كجزيرة سقطرى وزقر وميون وعبد الكوري ومحافظة حضرموت ومثلها سيصل الدور إلى محافظة شبوة على أن تليها باقي المحافظات الجنوبية، والتي في حال استمر المواطن الجنوبي على وضعيته المزرية والصامتة والمنتحرة في سبيل لقمة العيش فمصيرها الأقلمة والتقسيم.
اليوم وفي ظل الاحتلال أصبحت الجنوب ساحة حرب وتصفية حسابات بين رفقاء الخيانة والارتزاق يدفع ثمنها أبناء الجنوب فتُرتكب بحقهم وبحق أبناء المناطق الشمالية والمسافرين الجرائم الفظيعة والمُستمرّة والتي كان آخرها جريمة جلد وتعذيب أحد أبناء العدين حتى الموت دونما وازع ديني ولا حتى رجولي أَو إنساني، فالجريمة تُرتكب في وضح النهار أمام مرأى ومسمع العالم، بل ويتم تصوير بعضها؛ لتكون شاهدة على دناءة وخبث المجرمين.
فما يعانيه أبناء الجنوب المحتلّ ما هو إلّا جزء بسيط مما وعدته السعوديّة والإمارات في الأيّام الأولى للعدوان والاحتلال المفروض أمريكياً؛ بهَدفِ تمزيق النسيج الاجتماعي وتفكيك أواصر الأخوة والقبيلة اليمنية.
هذه الوعود التي تحولت إلى كوابيس وجرائم يومية يعيشها المواطن الجنوبي في مدنه وقراه والطرق الرابطة بين المحافظات تفجيرات وعمليات اغتيال واختطاف وإخفاء قسري وأعمال حرابة وقتل للمسافرين لدواعٍ مناطقية مقيتة قد عفا عنها الزمن.
ولعل ما يعيشه الجنوب اليوم له كافٍ لإيقاظ المشاعر التي لا تزال تحمل ذرة من خير وقيم وطنية وإنسانية قبل فوات الأوان، قبل أن يسقط كُـلّ الجنوب في هذا المخطّط، ولن يبقى لأي مواطن إلّا التفكير بالانتحار، والتي تكرّرت هذه الحالات كَثيراً ولعل آخرها أربع عمليات انتحارية في عدن ولحج وأبين.
ونحن هنا في المناطق الحرة وبكل حُرقة نتألم للجنوب أين وضع نفسه وهل الحرية والاستقلال على هذا النحو الذي لا يسر صديقاً ولا حتى عدواً.
الجنوب العربي بين قوسي السعوديّة والإمارات تتكالب عليه أدوات عفاشية وانتقالية رخيصة بإيعاز سعوديّ إماراتي هو من يموّل الأعمال الخبيثة التي يقوم بها المرتزِقة وتتلقفها جغرافيا الجنوب دونما احترام حتى فيما بينهم فكلٌّ يسعى للتخلص من الآخر.
ولنا أن نتساءل ما هو دور الأحرار وواجب الشرفاء في تلك المحافظات، ثم بماذا يُفسر سكوتهم هذا؟ فإن كان سكوتهم خوفاً من سكاكين وأسلحة المرتزِقة فهو المذلة والموت إذَاً، وإن كان صمتهم من باب الحياد فلن ينجو من الجحيم الذي يعصف بكل أبناء الجنوب، أما لو إنهم يرون صمتهم وسكوتهم من باب الحكمة فهم إنما أوقعوا أنفسهم في المصيدة القاتلة وبحكمة الأعداء الذين لا يرقبون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمة، فليس من الحكمة أن نصمت ونخنع فسنُجرّ بالحكمة هذه إلى جهنم وبئس المصير أذلاء ملعونين في الدنيا والآخرة.
ومن باب الحب والواجب والنصح لنا أن نرسل رسائل لإخوتنا أبناء الجنوب أن الغزاة إذَا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أهلها أذلةً صاغرين ينتظرون فضلاتهم، في الوقت الذي تُنهب الثروات وتُسرق الإيرادات ويُعبث بكل ما له صلة بالوطنية والعقيدة الإسلامية جنوباً وشمالاً.
لا خلاص ولا نجاة ولا سلامة لكم إلّا بالجهاد، فمتى ما نهضتهم وغيّرتم من واقعكم غيّر الله واقعكم كيفما تريدون، فكيفما كنتم مع الله كان الله معكم.
صححوا خطأ وقوفكم مع الغزاة وكفرّوا عن ذنوب خنوعكم وصمتكم وعودوا إلى جادة الصواب ونحن سنكون معكم وفيكم ولكم إخوة، لنا ما لكم وعلينا ما عليكم فبالوحدة والاعتصام والتحَرّك في مواقع الحق سينصرنا الله وسنطرد الغزاة وسنطهر كُـلّ الجنوب وكلّ اليمن من دنسهم وخبثهم وبفضل الله سنقتلع جذور شرهم ومرتزِقتهم، ولينصرّن الله من ينصره.