تؤسّس الثورات في الدول مساراً يمتد لعشرات السنين، بسبب أن الثورات هي تحركات مسنودة من الشعب في المقام الأول، ولم تقم أساساً إلا تلبية لرغبة شعبية. ذلك المسار، ومع مرور الزمن، يحدد مدى نجاح تلك الثورات وصدق قادتها.
وتعتبر ثورة 21 من أيلول/ سبتمبر من أصعب الثورات في زمننا المعاصر، من حيث الظروف والعقبات التي كانت تقف في وجهها من كل النواحي.
فمثلاً، ما قبل 21 أيلول كانت العمالة لدولة أجنبية واستلام أموال منها وتنفيذ أجندتها عرفاً سائداً، وكان التدخل الخارجي في شؤون اليمن أمراً طبيعياً تمارسه الدول الكبرى وتنتهك سماءه وبحره وقراره متى شاءت، وتربى على هذا الأمر جيل كامل ممن اعتُبروا رجال الدولة وكبارها آنذاك.
ذلك الوضع جعل اليمن منهاراً في كل مناحي الحياة، وخصوصاً الصناعة والزراعة والجاهزية القتالية.
ثورة 21 أيلول كانت ثورة شعبية خالصة تحمل مشروعاً روحياً ينطلق من ثقافة الشعب اليمني، ولذلك انعكس إيجاباً على معنويات الشعب وقدراته التصنيعية، العسكرية والزراعية والأمنية، فقطعت أذرع الهيمنة والتدخل الخارجي، وثقفت الشعب على رفض هذا الأمر، ثم انطلقت في عملية بناء بدأت تقريباً من تحت الصفر، وتحت أصعب الظروف، وأعادت الهيبة للمؤسسة العسكرية، وانطلقت في مشاريع الزراعة والتصنيع والتأهيل من ميزانيات متواضعة؛ لكن نتائجها كانت عظيمة.
على المستوى الفكري كان أمامها عوائق كثيرة، من ضمنها الفكر التكفيري الوهابي الذي كان يدرَّس في أماكن كثيرة في اليمن، مع ما يحمله ذلك الفكر من عدائية للمجتمعات وتشجيع على القتل ونشر الكراهية وقبول الارتهان للخارج.
كذلك كان هناك انحراف فكري على مستوى السياسة وإدراك المخططات الاستهدافية لليمن بشكل خاص وللأمة بشكل عام.
لذلك نقول: بدأت ثورة 21 أيلول من تحت الصفر، وكان ركيزتها الأساسية هي الوعي. وكما نرى فإن كل من انتمى لهذه الثورة انطلق ضمن المشروع الوطني في الاتجاه الذي يلائمه، بينما نجد أعداء ثورة 21 أيلول يعانون من خلل فكري على عدة مستويات، فهم مثلا:
• كانوا يدمرون أسلحتهم بأيديهم وبإشراف أمريكي وهم يضحكون.
• يعادون بلدهم وشعبهم ويدلون الأجنبي على مرافق بلدهم ليقصفها ويعتبرون ذلك عملاً وطنياً.
• لديهم خلط في المفاهيم، إذ يسمون الانخراط تجنُّداً في صف أعداء اليمن «مقاومة»، والقتال من أجل البلد والذود عن أرضه «احتلالا»!
كما يسمّون المجاميع الارتزاقية التي شكلها العدو بماله وتحت إمرة ضباطه «الجيش الوطني»! والأشخاص الذين يعيّنهم الخارج لحكم اليمن «شرعية»، والشعب الذي يقاوم العدو ويرفض تدخلات الخارج «مليشيا»!!
لذلك نعتقد أن ثورة 21 أيلول ثورة أشبه بالمعجزة، تمثل نبراساً مهمّاً في طريق الحرية والسيادة والاستقلال، ومن يعاديها يجد نفسه -دون أن يشعر- خارجاً عن القانون والدستور اليمني ويمارس أعمالاً مجرّمة بقانون العقوبات اليمني.
* نقلا عن : لا ميديا