"طوفان الأقصى" معـركة ليست وليدة اللحظة، وليست معركة المقاومة الفلسطينية وحدها، والصراع مع المشروع الصهيوأمريكي ليس حكراً على س أو ص، وإنما هي معركة أمة منذ الانتـداب البريطــــاني على أرض فلسطين إثر سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى؛ وما تمخض عنها من "وعد بلفور" واتفاقية "سايكس -بيكو" التي رسم من خلالها الاستعمار خرائط المنطقة وتقاسمها.
وعمد الاستعمار من خلال وعده لليهود والاتفاقية البريطانيـة الفرنســية "سايكس -بيكو" إلى تقسيم البلاد الإسلامية إلى كانتونات ضعيفة، ومن خلالها قسم المنطقة إلى كانتونات...
تحمل بذور الصراع البيني، مستغلاً بنية المجتمعات الإسلامية، وذلك على قاعدة «فرق تسد».
لقد أنشأ الاستعمار عدة كيانات وظيفية محلية لضمان استمرار مصالحه، كما أنشأ الكيان الصهيوني الغاصب ككيان وظيفي أكثر موثوقية لحماية مصالحه.
ومذاك ظهرت القضية الفلسطينية كقضية شعب سلب أرضه، وصارت بحكم الثقافة والجغرافيا والدين قضية أمة على المستويين العربي والإسلامي الأوسع.
واكتسبت زخمها بعد ثورة 23 يوليو 1952 المصرية، ويعد الزعيم جمال عبدالناصر الحامل السياسي والداعم الأول للقضية الفلسطينية، ودفع بها إلى جدول أعمال السياسة كقضية مركزية للأمة العربية. وحينها لم تك إيران إلاّ شاهنشاهية تدور في الفلك الصهيوأمريكي، ولم تصر في جدول أعمال السياسة الإيرانية وفي رأس اهتماماتها إلا بعد ثورة 11 فبراير 1979 التي أطاحت بنظام الشاه، وقامت على إثرها جمهورية إيران الإسلامية.
ولا يوجد نظام سياسي يتبنى القضية الفلسطينية فعلياً إلاّ إذا كان نظاماً في حالة تناقض وصراع مع دول الهيمنة والاستعمار.
ومما لا شك فيه أن الشعوب العربية تتمنى تحرير فلسطين من الكيان الغاصب، لكن المشكلة تكمن في معظم أنظمتها وبعض نخبها، فهناك أنظمة مرتبطة بحبل سري بنظام الهيمنة العالمي وصنيعته، بينما النخب تختلف في كيفية تحرير فلسطين، وتتوزع النخب إلى تيارات عديدة، وكل تيار يريد تحريرا مفصلا على مزاجه، حيث تجد نسبة من النخب لا تقبل في قرارة نفسها أن يكون التحرير على يد القوى الإسلامية ومحور المقاومة، لأن بعضها واقعة تحت تأثير أيديولوجيتها القديمة، في حين بعضها الآخر جزء منها واقعة تحت تأثير أيديولوجيتها الجديدة وجزء آخر واقع تحت تضليل الإعلام الصهيوأمريكي السائد.
وكثير من النخب التي ناصبت محور المقاومة العداء في السنوات الماضية، باتت اليوم وبعد معركة «طوفان الأقصى»، وما ترتب عليها من همجية ووحشية الكيان الصهيوني، أخذت تتهكم على بقية فصائل المقاومة، وتشكك في مصداقية شعاراتها وبقدرتها على الدخول إلى قلب المعركة.
ويمكن الجزم بأن هذه المطالب ليست حباً ولا رغبة في دعم المقاومة الفلسطينية وأهل غزة، وإنما مكايدات ورغبة دفينة في دفع فصائل المقاومة للدخول في قلب المعركة.
وفي حال دخول فصائل المقاومة المعركة، سنجد قلوب هذه النخب مع غزة وسيوفهم مع الكيان الصهيوني، وستتكشف نواياهم ورغائبهم المتناقضة.
لا انتصار في غزة دون انتصار محور المقاومة بكل فصائله على هذا الكيان الصهيوني الغاصب.
وفي الأخير، نوجه نداء إلى هذه النخب المريضة، لا تمنوا أنفسكم بنصف انتصار، فلا يوجد في القضايا المصيرية نصف انتصار. ودعوا المقاومة تبني وتقرر خياراتها الاستراتيجية.
وعليه، إما أن تكونوا مع المقاومة بكافة فصائلها وضد الكيان الصهيوني أو فلتصمتوا..!
* نقلا عن : لا ميديا