وضعت مصادر مطّلعة في صنعاء ما وصفته بـ«المسرحية التي أخرجتها القوات الأميركية» في خليج عدن، حول اختطاف ناقلة نفط إسرائيلية، في سياق مسعى أميركي لتعزيز الانتشار العسكري في المنطقة، ولا سيما أنها تزامنت مع تحريك حاملة الطائرات الأميركية «آيزنهاور» إلى السواحل اليمنية، ومع بيان لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، يعرض فيه الأخير حماية السفن لدى مرورها في مضيق باب المندب الذي كانت القوات المسلحة اليمنية أعلنته محظوراً على السفن الإسرائيلية. والواقع أن كلام المصادر اليمنية التي تحدّثت إلى «الأخبار» عن «مسرحية»، وجد تبريره في اعتراف وزارة الدفاع الأميركية، أمس، وبتأخير دام أكثر من يوم كامل، بأن السفينة «بارك سنترال» خُطفت على أيدي قراصنة صوماليين.وأشارت المصادر إلى أن واشنطن «بعدما فشلت في حماية إسرائيل في البحر الأحمر من هجمات صنعاء، لجأت إلى إخراج مسرحية في خليج عدن ادّعت فيها تعرّض السفينة بارك سنترال» للاختطاف من قِبل مسلّحين مجهولين، أول من أمس، قبالة مدينة عدن. وبعد ساعات، أعلنت قوات خفر السواحل التابعة لحكومة عدن، أن «طاقم السفينة بعث بنداء استغاثة تلقّته قوات خاصة أميركية في خليج عدن». وأشارت إلى أن «الخاطفين استخدموا زوارق صغيرة وأحاطوا بالناقلة وتمكّنوا من السيطرة عليها». وأعلن الجانب الأميركي، بدوره أيضاً، أن المدمّرة الأميركية «ميسون» تلقّت نداء استغاثة من طاقم «بارك سنترال»، فيما ذكرت شبكة «فوكس نيوز» أنه «بمساعدة مدمّرة تابعة للبحرية اليابانية وطائرات هليكوبتر حربية، أمكن تنفيذ عملية إنزال على ظهر السفينة، التي تخلّى عنها الخاطفون عندما اقتربت منها المدمّرة الأميركية، وحاولوا الفرار عائدين نحو اليمن»، مضيفة أنه «تمّ اعتقال خمسة من الخاطفين في سواحل منطقة خور عميرة قبالة باب المندب».
بيان «الانتقالي» حول حماية السفن يعكس موقف أبو ظبي من إسرائيل وليس رأي الجنوبيين
ولم يكن خطف «بارك سنترال» هو الاتهام الوحيد الذي وُجّه إلى صنعاء، على الأقلّ من قِبل حلفاء «التحالف» في اليمن، وإنما اتّهمت واشنطن نفسها، القوات المسلحة اليمنية، بإطلاق صاروخَين باليستيَّيْن في اتجاه المنطقة العامة التي تتواجد فيها «ميسون» و«بارك سنترال». وقالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، إن «الصاروخَين سقطا في خليج عدن على بعد نحو 10 أميال بحرية من السفينتين». وأشارت إلى عدم حدوث أيّ أضرار فيهما خلال هذا الحادث، وهو ادّعاء لا صحة له، بحسب ما قال مصدر مطّلع في صنعاء لـ«الأخبار». ونقل البيان عن قائد القيادة المركزية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، القول إن «أمن المجال البحري ضروري للاستقرار الإقليمي»، و«إننا سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء لضمان سلامة وأمن ممرّات الشحن الدولية».
ووفقاً لمصادر محلّية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «القوات الأميركية اختطفت خمسة صيادين كانوا يعملون في البحر ولا علاقة لهم بالسفينة الإسرائيلية، ولم يكن هناك أيّ اختطاف. والعملية مفبركة من قِبل الأميركيين الذين حاولوا تطمين شركات الملاحة الدولية التي ألغت عقودها مع إسرائيل بعد تحذيرات صنعاء. ويضاف إلى ذلك أن المسرحية مقدّمة لتعزيز الوجود الأميركي في خليج عدن». وفي هذا السياق، جاء إعلان القيادة المركزية الأميركية، في بيانها، أن حاملة الطائرات «آيزنهاور» عبرت مضيق هرمز إلى الخليج لاستكمال انتشارها هناك وحماية الملاحة البحرية، وسط مخاوف أميركية من أن يؤدي استئناف الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى تفجير حرب إقليمية، في ظلّ التهديدات اليمنية بتوسيع رقعة المواجهة.
وفي الإطار نفسه كذلك، يأتي بيان «الانتقالي» الذي أبدى فيه استعداده «لحماية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب» مطالباً دول «التحالف» والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بدعم قواته «لتمكينها من ردع الميليشيات الإرهابية التي تختطف السفن من قبالة سواحل عدن». ويقول مراقبون إن بيان «الانتقالي» أثار استياء المواطنين في المحافظات الجنوبية، والذين أكّدوا أنه لا يعبّر عن موقفهم من القضية الفلسطينية العادلة، مضيفين أن «البيان صدر من أبو ظبي ويعكس موقف الإمارات من القضية الفلسطينية ومن إسرائيل».
من ناحية ثانية، أعلنت تركيا تعرّض إحدى سفنها للقرصنة في خليج عدن. ونقلت وسائل إعلام تركية عن وزارة النقل تأكيدها فقدان الاتصال بقبطان السفينة، إيدين هاسرجي، وأفراد طاقمها، مشيرة إلى أن «عملية الخطف تمّت في خليج عدن، فيما لا يزال مصير السفينة غامضاً». ويشير توقيت الإعلان إلى بدء أطراف دولية التوجّس من تعزيز واشنطن وأطراف خليجية قواتها في خليج عدن، تحت ذريعة حماية السفن، ما يدفع نحو توتر دولي جديد.
* نقلا عن : الأخبار اللبنانية