لأن الموقف نابعُ من بُعدٍ إيماني صادق يُترجم إرادة الخالق سبحانه وتعالى وحثّهِ كل مسلم على الجهاد في سبيل الله ومتطلعة إلى تحرير الأقصى الشريف أول قبلة للمسلمين وثالث المواضع المقدسة في الإسلام، استناداً إلى حديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم القائل (لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مواضع المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) أو كما قال .
تحريره من دنس الاحتلال الصهيوني البغيض، وأخيراً ترجمة للإرادة الذاتية الأصيلة لأبناء شعبنا اليمني المتمثلة في نصرة قضايا الأمة بمشاركة فعلية جسدها الآباء على امتداد التاريخ الإنساني من خلال المشاركة في الفتوحات الإسلامية وحمل راية الإسلام إلى كل بقاع الأرض .
واستناداً إلى كل تلك المعطيات أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله موقف الجمهورية اليمنية الرسمي والشعبي إلى جانب الشعب العربي الفلسطيني لنصرة أبطال المقاومة في غزة، الذين يتعرضون لأبشع عدوان ينفذه كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب بدعم ومساندة مباشرة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية فكان الموقف صادقاً لارتباطه بتعاليم ديننا الحنيف وترجمته للإرادة الذاتية.
باعتبار اليمن طرفاً في محور المقاومة، فإن الموقف لم يقتصر على بيانات الشجب والتنديد والاستنكار – كما هو حال بعض الدول العربية والإسلامية – لكنه تجسد في المشاركة الفعلية التي تدرجت في العمل، فبدأت بالمظاهرات والمَسيرات المليونية التي ملأت الميادين والساحات في العاصمة صنعاء وفي كل المحافظات المحررة، ثم تعزز الموقف بخطوات عملية أكثر جدية تمثلت في إرسال الصواريخ والطائرات المُسيرة إلى الأراضي المحتلة، تلاها الموقف الأكثر أهمية المتمثل في منع السفن التابعة لدولة الكيان الصهيوني من الإبحار في المياه الإقليمية لليمن وترجمة التهديد بخطوات عملية أدت إلى ضرب سفن واحتجاز أخرى ولا يزال التهديد ساري المفعول، لأن قيادة الثورة أعلنت الاستمرار في التحدي إلى أن تتوقف حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية .
أخيراً، وهو الأهم صدر القرار بالقانون رقم (4) لسنة 1445هـ الموافق 2023م، الذي قضى باعتبار أي تقارب أو تطبيع مع دولة الكيان الصهيوني أو أحد مؤسساته فعل مجرم يعاقب عليه القانون وهي خطوة عملية جاءت في الوقت المناسب وتزداد أهمية في زمن هرولة الدول العربية صوب التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني مخالفة لميثاق وقوانين الجامعة العربية، وهناك محذور آخر على المستوى المحلي تمثل في الإعلانات التي تصدر أحياناً من أحد المرتزقة وتعد بالتطبيع مع إسرائيل استدراراً لعواطف الأمريكان والاستنجاد بهم في استكمال مشروع العدوان الذي ينفذه النظامان السعودي والإماراتي بمساعدة وإرشاد المرتزقة والعملاء والخونة الذين يتسكعون في عواصم بعض الدول العربية والإسلامية، وهؤلاء مواقفهم غريبة لا تدل على الضعف والانبطاح فقط والاستسلام للأعداء بقدر ما تمثل حالة سقوط أخلاقي وقيمي تجاه الوطن وتجاه قضايا الأمة العربية، فإلى أي مستوى من مستويات السقوط وصل هؤلاء؟! وهل يُدركون حجم وخطورة هذا الانبطاح للأعداء؟! السؤال سيظل معلقاً في الشفاه حتى يثوب هؤلاء إلى رشدهم ويعودوا إلى حضن الوطن.. والله من وراء القصد..