بعد ساعات فقط من انتهاء القمم السعودية الثلاث التي عكفت الرياض على عقدها لصالح دعمها في حربها على اليمن ، بعد تصوير حركة أنصار الله الحوثيين وحلفائهم كطرف يهدد دول الخليج والأمن القومي العربي بل والدولي أيضا ، وزير الدفاع في حكومة الانقاذ الوطني بالعاصمة صنعاء التي تديرها الحركة وتحالفاتها اللواء محمد ناصر العاطفي يعلن الوصول للمرحلة الأخير من تجهيز المنظومة الدفاعية الجوية وتطويرها وربما إدخالها الخدمة العسكرية الدفاعية في أقرب وقت ممكن .
هذا الخبر يفوق بتقديري القمم الثلاث وبياناتها التي لم تأت بجديد أكثر من كونها دعاية إعلامية لأنصار الله الحوثيين ، فوقوف المتحدث باسم التحالف تركي المالكي أمام مدرج الطائرات في مطار جدة الدولي لاصطحاب كل من وفد من الزعماء والرؤساء إلى معرض الصواريخ الباليستية اليمنية والطائرات المسيرة وقراءة قائمة طويلة من البكائيات ولطم الخدود هناك ، ليس أكثر من نكسة سحيقة وإعلان واضح للفشل في اليمن طوال السنوات الأربع من العدوان على اليمن ، واستعراض للخيبة ،ولا يعفي هذه الحقيقة حشر المقدسات الإسلامية ومكة المكرمة والأمن القومي وووو كمناطق مستهدفة من قبل اليمن ، على السعودية أن الذين يهزون رؤوسهم لا يقرون بذلك في دواخلهم ، بل وربما يسخرون من الرياض إن لم يكن بعضهم مبتسما ومتشفيا من هذا الإنزلاق السعودي والإماراتي .
نعود إلى الدفاعات الجوية اليمنية التي تم الكشف عنها وماذا يعني ذلك في هذا التوقيت وما هي ارتدادات هذا على العمليات العسكرية التي تقودها السعودية ، وهل المطلوب سعوديا وإماراتيا وحتى أمريكيا تجاهل ذلك مثلما فعلوا سابقا مع الصواريخ البالستية التي أطلقت السعودية مصطلح ” مقذوفات ” على سبيل التقليل من أهميتها وفاعليتها وها هي اليوم تعرضها وتشكو منها أمام العالم ، أم أن المطلوب هو حمل ذلك بجدية كبيرة والاستعداد لمعادلات عسكرية جديدة وبالتي تمثل تعقيداً أكبر أمام عملها العسكري المعقد ؟
أليس من المفترض أن تصغي هذه المرة السعودية لخصومها والتعامل بواقعية والتسليم بأن حشر إيران في نكساتها لم يعد مهما ولا يغير أبدا؟
اعلان وزارة الدفاع بحكومة الانقاذ في العاصمة صنعاء الاقتراب من تفعيل الدفاعات الجوية في هذا التوقيت بالضبط يعني ثلاثة امور في غاية الأهمية:
ـ الأمر الأول: إطلاق الرصاصة الأخيرة على مخرجات القمم السعودية الثلاث التي حملت بياناتها إدانات بالجملة ، ولكنها إدانات صورية لا تسمن ولا تغني من جوع وتمت صياغتها قبل وصول الوفود المشاركة وهذه الاخيرة واحدة من الفضائح التي تلاحق هذه القمم التي تنظمها السعودية تحديدا.
ـ الأمر الثاني: تمثل ردا عمليا للقمم الثلاث ولمن شاركوا فيها أن دفاع اليمن عن نفسه وشعبه وسيادته أمام الحرب العدوانية عليه أمر مشروع ولن ينتزعه أحد حتى لو أقيمت هذه القمم في جوف الكعبة وليس خارجها ، فطائرات الـ” إف 16″ وسلاح الجو التابع للتحالف الذي تقوده السعودية وشن ربع مليون غارة على المحافظات اليمنية وقتل الآلاف من الابرياء خلال السنوات الماضية لا توزع وروداً وشوكلاته، بل توزع الموت على الأطفال والنساء والمسنين وبالجملة.
ـ الامر الثالث: الذي حمله ( اعلان الوصول للمرحلة الأخيرة من تجهيز الدفاعات الجوية اليمنية ) هو إبلاغ السعودية بأن الجهوزية العسكرية والقتالية حاضرة لأي تصعيد ستقدم عليه السعودية بعد هذه القمم عالية وأكثر من ذلك أنه يتعلق بأهم ما تتفوق به الرياض وأبوظبي ، فالحد من التفوق الجوي بمضادات للطيران وخصوصا المروحيات والأباتشي التي تستخدم بدرجة كبيرة في عمليات التحالف، سيعني الكثير عسكريا وبالتالي يضيف كابوساً آخر للكوابيس التي سببتها الصواريخ الباليستية والطيران المسير .
وبالتالي.. أليس مهما أن تصغي السعودية لهذا الإعلان ودعم خيار السلام والعملية التفاوضية والحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه بدلا من الإصغاء للذين هزوا رؤوسهم أمام العاهل السعودي في القمم الثلاث ومعظمهم إن لم يكن جميعهم غارقون في مشاكلهم الداخلية ولن يحفظوا نقطة واحدة من النقاط الكثيرة التي تمت صياغتها بعناية في البيات لجهة الوقوف مع السعودية ومساعدتها؟
جربوا “اثابكم الله”